الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1280 - وعن مالك رضي الله عنه ، بلغه أن رجلا سأل ابن عمر عن الوتر : أواجب هو ؟ فقال عبد الله : قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأوتر المسلمون ، فجعل الرجل يردد عليه ، وعبد الله يقول : أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأوتر المسلمون . رواه في " الموطأ " .

التالي السابق


1280 - ( وعن مالك بلغه أن رجلا سأل ابن عمر عن الوتر : أواجب هو ؟ ) ، أي : أهو سنة ؟ ( فقال عبد الله : قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأوتر المسلمون ) : اكتفى بالدليل عن المدلول ، فكأنه قال : إنه واجب بدليل مواظبته - عليه الصلاة والسلام - وإجماع [ أهل الإسلام ( فجعل الرجل يردد عليه ) ، أي يكرر عليه ويطلب الجواب الصريح ، ولم يكتف بالتلميح والتلويح . ( وعبد الله يقول : أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأوتر المسلمون ) : وتورع في الخطاب ، ولم يصرح بالجواب لعدم سماعه منه - عليه الصلاة والسلام - شيئا في ذلك ، وهذا الطريق هو الأحوط وهو مختار الصوفية حيث يواظبون على الفعل الثابت ، ولا يبحثون عن كونه فرضا أو ندبا ، نعم يترتب على معرفة الخلاف أن من اعتقد الوجوب يزاد في ثوابه على من اعتقد السنية ، قال الطيبي : وتلخيص الجواب أن لا أقطع بالقول بوجوبه ، ولا بعدم وجوبه ; لأني إذا نظرت إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم واظبوا عليه ذهبت إلى الوجوب ، وإذا فتشت نصا دالا عليه نكصت عنه ، أي : رجعت . أقول : اخترنا الشق الأول وقلنا بالوجوب . لو وجدنا دليلا قاطعا لحكمنا بالفرضية ، وأيضا لم يكن دأبه - عليه الصلاة والسلام - أنه يقول هذا الفعل فرض أو واجب أو سنة ، والحكمة في ذلك حتى يكون اختلاف الأئمة رحمة ، لكن المعتمد عند الأصوليين أن مواظبته - عليه الصلاة والسلام - لا سيما مع مواظبة أصحابه والتابعين دليل على الوجوب ، ويكفي لأبي حنيفة في أصل وجوب الوتر وأن نوزع في صفته ، وبهذا يندفع قول ابن حجر ، ومحله حيث لم يرد ما يصرفه إلى الندب ، وهاهنا صح ذلك كما مر مستوفى ، على أنه سيأتي عن ابن عمر أنه أوتر بواحدة ، وأبو حنيفة لا يقول بذلك اهـ ، وسيأتي جواب ما سيأتي . ( رواه ) ، أي مالك ( في الموطأ ) : بالهمز ، وقيل بالألف ، وسبق الاعتراض .




الخدمات العلمية