الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الفصل الثالث

135 - عن جابر - رضي الله عنه - قال : خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى سعد بن معاذ حين توفي ، فلما صلى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووضع في قبره وسوي عليه ، سبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسبحنا طويلا ، ثم كبر ، فكبرنا . فقيل : يا رسول الله لم سبحت ثم كبرت ؟ قال : " لقد تضايق على هذا الرجل الصالح قبره حتى فرجه الله عنه " رواه أحمد .

التالي السابق


الفصل الثالث

135 - ( عن جابر قال : خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى سعد بن معاذ ) ، أي : جنازته ، وهو سيد الأوس من الأنصار ، أسلم بالمدينة بين العقبة الأولى والثانية ، وأسلم بإسلامه بنو عبد الأشهل ، ودارهم أول دار أسلمت من الأنصار ، وسماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سيد الأنصار ، وكان مقدما مطاعا شريفا في قومه ، من أجلة الصحابة وأكابرهم ، شهد بدرا وأحدا ، وثبت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يومئذ ، ورمي يوم الخندق في أكحله فلم يرق الدم حتى مات بعد شهر ، وذلك في ذي القعدة الحرام سنة خمس ، وهو ابن سبع وثلاثين سنة ، ودفن بالبقيع ، روى عنه نفر من الصحابة ( حين توفي ) : بضمتين ، وحكي بفتحهما وهو قراءة شاذة أي مات ( فلما صلى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووضع في قبره وسوي عليه ) ، أي : التراب ودفن والفعلان مجهولان ( سبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) : ولعل التسبيح كان للتعجب أو للتنزيه لإرادة تنزيه لإرادة تنزيهه تعالى أن يظلم أحدا ، ثم رأيت ابن حجر قال : ومناسبة تسبيحه لمشاهدة التضييق على هذا العبد الصالح ظاهرة ، إذ بشهود ذلك يستحضر الإنسان مقام جلال الله وعظمته ، وأنه يفعل ما يشاء بمن يشاء ، وهذا المقام يناسبه التنزيه لأنه مقام العزة الكبرى المقتضية لذلك التنزه فتأمل . ( فسبحنا ) ، أي : تبعا له ( طويلا ) : قيد للفعلين أي زمانا طويلا ) أو تسبيحا طويلا يعني كثيرا ( ثم كبر ) : ولعل التكبير كان بعد التفريج ( فكبرنا ) ، أي : عقيب تكبيره اقتداء به . قال ابن حجر : ولم يقل طويلا إما للاكتفاء بذكره أولا : أو لأنه هنا لم يطل لأنه إنما كبر عند وقوع التفريج عن سعد ، وهذا هو الظاهر لأن التكبير يغلب ذكره عند مشاهدة الأمر الباهر . ( فقيل : يا رسول الله : لم سبحت ثم كبرت ؟ ) : أي مع أن المقام لا يستدعي ذلك ( ولقد تضايق على هذا العبد الصالح قبره ) : هذا إشارة إلى كمال تمييزه ورفع [ ص: 218 ] منزلته ، ثم وصفه بالعبد ونعته بالصلاح لمزيد التخويف والحث على الالتجاء إلى الله سبحانه من هذا المنزل الفظيع ، أي : إذا كان حاله كذا فما حال غيره ؟ ( حتى فرجه الله ) : بالتشديد ويخفف ، أي : مازلت واقفا للتسبيح حتى فرجه الله أي كشفه وأزاله ( عنه ) : قال الطيبي : وحتى متعلقة بمحذوف ، أي : مازلت أكبر وتكبرون وأسبح وتسبحون حتى فرجه الله اهـ . والأنسب تقديم التسبيح والتكبير على هذا لإطفاء الغضب الإلهي ، ولهذا ورد استحباب التكبير عند رؤية التحريق ، والله أعلم . رواه أحمد ) .




الخدمات العلمية