الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الفصل الثالث

1962 - عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أتاكم رمضان ، شهر مبارك ، فرض الله عليكم صيامه ، تفتح فيه أبواب السماء ، وتغلق فيه أبواب الجحيم ، وتغل فيه مردة الشياطين ، لله فيه

ليلة خير من ألف شهر ، من حرم خيرها فقد حرم
" . رواه أحمد والنسائي .

التالي السابق


الفصل الثالث

1962 - ( عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " أتاكم " ) أي جاءكم " رمضان " أي زمانه أو أيامه " شهر مبارك " بدل أو بيان ، والتقدير هو شهر مبارك ، وظاهره الإخبار أي كثر خيره الحسي والمعنوي ، كما هو مشاهد فيه ، ويحتمل أن يكون دعاء أي جعله الله مباركا علينا وعليكم ، وهو أصل في التهنئة المتعارفة في أول الشهور بالمباركة ، ويؤيد الأول قوله - صلى الله عليه وسلم - : " اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان " ، إذ فيه إيماء إلى أن رمضان من أصله مبارك فلا يحتاج إلى الدعاء ، فإنه تحصيل الحاصل ، لكن قد يقال : لا مانع من قبول زيادة البركة " فرض الله عليكم صيامه " أي بالكتاب والسنة وإجماع الأمة " تفتح فيه أبواب السماء " استئناف بيان ، ويحتمل أن يكون حالا وهو بصيغة المجهول وبالتأنيث في الأفعال الثلاثة ، ويجوز تذكيرها وبتخفيف الفعلين الأولين ويشددان " وتغلق فيه أبواب الجحيم " وفي نسخة : " الحميم " وهو تصحيف " وتغل " بتشديد اللام من الإغلال " فيه مردة الشياطين " يفهم من هذا الحديث أن المقيدين هم المردة فقط ، وهو معنى لطيف يزول به الإشكال السابق ، فيكون عطف المردة على الشياطين في الحديث المتقدم عطف تفسير وبيان ، ويحتمل أن يكون تقييد عامة الشياطين بغير الأغلال ، والله أعلم بالأحوال " لله فيه " أي في ليالي رمضان على حذف مضاف أو في العشر الأخر منه يعني غالبا ، وإلا فهي مبهمة في جميع رمضان أو في جميع السنة كما هو مذهبنا ، ولذا لو قال أحد لامرأته : أنت طالق في ليلة القدر لا تطلق حتى [ ص: 1366 ] يمضي عليها السنة كلها " ليلة خير من ألف شهر " أي العمل فيها أفضل من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر " ومن حرم " بصيغة المجهول " خيرها " بالنصب ، قال الطيبي : يقال حرمه الشيء يحرمه حرمانا وأحرمه أيضا أي منعه إياه اهـ وفي القاموس : أحرمه لغيه أي من منع خيرها بأن لم يوفق لإحيائها ولو بالطاعة في طرفيها ، لما ورد أن من صلى العشاء والصبح بجماعة فقد أدرك حظه من ليلة القدر ، وأما ما وقع في شرح مسلم من أنه لا ينال فضلها إلا من أطلعه الله عليها فالمراد منه فضلها الكامل " فقد حرم " أي منع الخير كله ، كما سيجيء صريحا ففيه مبالغة عظيمة ، والمراد حرمان الثواب الكامل أو الغفران الشامل الذي يفوز به القائم في إحياء ليلها ، قال الطيبي : اتحد الشرط والجزاء دلالة على فخامة الجزاء ، أي فقد حرم خيرا لا يقادر قدره ( رواه أحمد والنسائي ) قال ميرك : ورواه البيهقي ، كلهم عن أبي قلابة عن أبي هريرة ، ولم يسمع منه فيما أعلم ؛ قاله المنذري .




الخدمات العلمية