الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2041 - وعنه قال : حين صام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا : يا رسول الله إنه يوم يعظمه اليهود والنصارى ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع " رواه مسلم .

التالي السابق


2041 - ( وعنه ) أي عن ابن عباس ( قال : حين صام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم عاشوراء ) روى أنه - صلى الله عليه وسلم - لما قدم المدينة مهاجرا من مكة رأى اليهود يصومون يوم العاشر من المحرم فسألهم عنه فقالوا : هذا يوم نعظمه أظفر الله فيه موسى - صلى الله عليه وسلم - وبني إسرائيل على فرعون ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " نحن أولى بموسى " أي بموافقته فصام - صلى الله عليه وسلم - ذلك اليوم ( وأمر بصيامه ) أي أجابه أولا بالوجوب ثم بعد النسخ بالندب ، فلما كانت السنة العاشرة من الهجرة ( قالوا ) أي الصحابة ( يا رسول الله إنه ) أي يوم عاشوراء ، فتقدير ابن حجر هذا موضع أنه مخالف للأصول الصحيحة ( يوم يعظمه اليهود والنصارى ) أي وتجب مخالفتهم فكيف نوافقهم على تعظيمه ( فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لئن بقيت ) أي في الدنيا أو لئن عشت " إلى قابل " أي إلى عام قابل وهو السنة الآتية " لأصومن التاسع " أي فقط ، أو مع العاشر فيكون مخالفة في الجملة ، والأول أظهر ، ومع هذا ما كان تاركا لتعظيم اليوم الذي وقع فيه نصرة الدين لأنهم كانوا يصومون شكرا ، ويجوز تقديم الشكر سيما على وجه المشارفة على مثل زمان وقوع النعمة فيه ، بل صوم العاشر أيضا فيه التقدم عليه إذ الفتح كان في أثناء النهار والصوم ما يصح إلا من أوله ، ولو أراد - صلى الله عليه وسلم - مخالفتهم بالكلية لترك الصوم مطلقا ، والله أعلم ، قال الطيبي : لم يعش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى القابل بل توفي في الثاني عشر من ربيع الأول فصار اليوم التاسع من المحرم صوم سنة ، وإن لم يصمه لأنه عزم على صومه ، قال التوربشتي : قيل : أريد بذلك أن يضم إليه يوما آخر فيكون هديه مخالفا لأهل الكتاب ، وهذا هو الوجه لأنه وقع موقع الجواب لقولهم إنه يوم يعظمه اليهود ، وروي عن ابن عباس أنه قال : صوموا التاسع والعاشر ، وخالفوا اليهود ، وإليه ذهب الشافعي وبعضهم إلى أن المستحب صوم التاسع فقط ، وقال ابن الهمام : يستحب صوم يوم عاشوراء ويستحب أن يصوم قبله يوما أو بعده يوما ، فإن أفرده فهو مكروه للتشبه باليهود اهـ وروى أحمد خبر صوموا يوم عاشوراء وخالفوا اليهود وصوموا قبله يوما وبعده يوما ، وظاهره أن الواو بمعنى أو لأن المخالفة تحصل بأحدهما ، وأخذ الشافعي بظاهر الحديث فيجمعون بين الثلاثة ، والله أعلم ( رواه مسلم ) .




الخدمات العلمية