الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( الفصل الثالث )

2206 - عن جابر قال : ( خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن نقرأ القرآن وفينا الأعرابي والأعجمي . فقال اقرءوا فكل حسن ، وسيجيء أقوام يقيمونه كما يقام القدح يتعجلونه ولا يتأجلونه ) رواه أبو داود ، والبيهقي في شعب الإيمان .

التالي السابق


( الفصل الثالث )

2206 - ( عن جابر قال : خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن نقرأ القرآن وفينا ) ، أي : معشر القراء ( الأعرابي ) ، أي : البدوي ( والعجمي ) وفي نسخة والأعجمي ، أي : غير العربي من الفارسي ، والرومي ، والحبشي كسليمان وصهيب وبلال قاله الطيبي ، قال الطيبي : قوله : وفينا إلخ يحتمل احتمالين أحدهما أن كلهم منحصرون في هذين النصفين ، وثانيهما أن فينا معشر العرب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، أو فيما بيننا تانك الطائفتان ، وهذا الوجه أظهر لأنه - عليه الصلاة والسلام - فرق بين الأعرابي والعربي بمثل ما في خطبته كل مهاجر ليس بأعرابي حيث جعل المهاجر ضد الأعرابي ، والأعراب ساكنو البادية من العرب الذين لا يقيمون في الأمصار ولا يدخلونها إلا لحاجة ، والعرب اسم لهذا الجيل المعروف من الناس ولا واحد له من لفظه سواء أقام بالبادية أو المدن اهـ . وحاصله أن العرب أعم من الأعراب وهم أخص ومنه قوله تعالى : الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله .

[ ص: 1505 ] ( فقال اقرءوا ) ، أي : كلكم ( فكل حسن ) ، أي : فكل واحدة من قراءتكم حسنة مرجوة للثواب إذا آثرتم الآجلة على العاجلة ، ولا عليكم أن لا تقيموا ألسنتكم إقامة القدح وهو السهم قبل أن يراش ( وسيجيء أقوام يقيمونه ) : أي يصلحون ألفاظه وكلماته ويتكلفون في مراعاة مخارجه وصفاته ( كما يقام القدح ) : أي يبالغون في عمل القراءة كمال المبالغة لأجل الرياء والسمعة والمباهاة والشهرة ، قال الطيبي : وفي الحديث رفع الحرج ، وبناء الأمر على المساهمة في الظاهر ، وتحرى الحسبة ، والإخلاص في العمل ، والتفكير في معاني القرآن ، والغوص في عجائب أمره ، وأما قول ابن حجر : ومع ذلك هم مذمومون لأنهم راعوا هذا الأمر السهل ، وزادوا في القبح أنهم ضموا إلى هذه الغفلة أنهم يقرؤونه لأجل حطام الدنيا فغير محمود إذ ليس الذم على مبالغتهم في مراعاة الأمر السهل بل الذم من جهة ترك الأمر المهم ( يتعجلونه ) ، أي : ثوابه في الدنيا ( ولا يتأجلونه ) بطلب الأجر في العقبى; بل الذم يؤثرون العاجلة على الآجلة ويتوكلون . ( رواه أبو داود ، والبيهقي في شعب الإيمان ) .




الخدمات العلمية