الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 1509 ] 2212 - وعن ابن مسعود قال : سمعت رجلا قرأ ، وسمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ خلافها فجئت به النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته ، فعرفت في وجهه الكراهة ، فقال : ( كلاكما محسن فلا تختلفوا فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا ) رواه البخاري .

التالي السابق


2212 - ( وعن ابن مسعود قال : سمعت رجلا قرأ ، وسمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ خلافها ) : أي غير قراءة ذلك الرجل ، والضمير راجع إلى المصدر المفهوم من قرأ ( فجئت به ) : أي أحضرته ( النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته ) : أي بما سمعت من الخلاف ( فعرفت في وجهه الكراهية ) بتخفيف الياء : أي آثار الكراهية خوفا من الاختلاف المتشابه باختلاف أهل الكتاب ؛ لأن الصحابة عدول ونقلهم صحيح فلا وجه للخلاف ( فقال : كلاكما محسن ) : أي في رواية القراءة قال الطيبي : أما الرجل ففي قراءته ، وأما ابن مسعود ففي سماعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - ، والكراهة راجعة إلى الجدال ، فكان من حقه أن يقرأ على قراءته ثم يسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - اهـ .

وفيه بحث لأنه لو قرأ على قراءته لما كان متواترا بل شاذا آحادا ، ولا تجوز القراءة بالشواذ ، وقال ابن الملك : إنما كره اختلاف ابن مسعود مع ذلك الرجل في القرآن ؛ لأن قراءته على وجوه مختلفة جائزة ; فإنكار بعض تلك الوجوه إنكار للقرآن وهو غير جائز ، قلت : هذا وقع من ابن مسعود قبل العلم بجوازه الوجوه المختلفة ، وإلا فحاشاه أن ينكر بعد العلم ما يوجب إنكار القرآن وهو من أجل الصحابة بعلم القرآن وأفقههم بأحكام الفرقان ، وهذا منه يؤيد ما قدمناه في تأويل قراءته أمهلونا وأخرونا بدل انظرونا ، ولعل وجه ظهور الكراهية في وجهه - عليه الصلاة والسلام - إحضاره الرجل ، فإنه كان حقه أن يحسن الظن به ويسأل - النبي صلى الله عليه وسلم - عما وقع له ، ويمكن أنه ظهرت الكراهية في وجهه - عليه الصلاة والسلام - عندما صنع عمر أيضا ، لكن عمر لشدة غضبه ما شعر أو حلم - عليه الصلاة والسلام - لما رأى به من الشدة ، أو تعظيما له ؛ لأنه من أجلة أصحابه وهذا من جملة خدمته على بابه ، وهذا أولى مما ذكره ابن حجر على وجه الاحتمال ، واعترض على الطيبي في قوله إن الكراهة راجعة إلى الجدال والله أعلم بالحال ( فلا تختلفوا ) : أي أيها الصحابة أو أيها الأمة وصدقوا بعضكم بعضا في الرواية بشروطها المعتبرة عند أرباب الدراية ( فإن من كان قبلكم ) : أي من اليهود والنصارى ( اختلفوا ) بتكذيبه بعضهم بعضا ( فهلكوا ) بتضييع كتابهم وإهمال خطابهم ( رواه البخاري ) .




الخدمات العلمية