الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2332 - وعن أنس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم ، كانت راحلته بأرض فلاة ، فانفلتت منه ، وعليها طعامه وشرابه ، فأيس منها ، فأتى شجرة ، فاضطجع في ظلها ، قد أيس من راحلته ، فبينما هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده ، فأخذ بخطامها ، ثم قال من شدة الفرح : اللهم أنت عبدي وأنا ربك ; أخطأ من شدة الفرح " . رواه مسلم .

التالي السابق


2332 - ( عن أنس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لله ) : بفتح لام الابتداء أو القسم ( أشد فرحا ) أي : رضا يعني : أرضى ( بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم ) أي : من فرح أحدكم وسروره ورضاه ، يعني [ ص: 1617 ] تقع التوبة من الله تعالى في القبول والرضا موقعا يقع في مثله ما يوجب فرط الفرح ممن يتصور في حقه ذلك . قال الطيبي : المراد كمال الرضا ، لأن الفرح المتعارف لا يجوز عليه تعالى ، والمتقدمون من أهل الحديث فهموا من أمثال ذلك ما يرغب في الأعمال الصالحة ، ويكشف عن فضل الله تعالى على عباده مع كونه منزها عن صفات المخلوقين ولم يفتشوا عن معاني هذه الألفاظ ، وهذه هي الطريقة السليمة ، وقلما يزيغ عنه قدم الراسخ . ( كان راحلته ) : وفي نسخة : كانت راحلته ( بأرض فلاة ) : بالإضافة وبنون أي : مفازة ( فانفلتت منه ) أي : نفرت ( وعليها ) أي : على ظهرها ( طعامه وشرابه ) : خصا لأنهما سببا حياته ( فأيس منها ) أي : من وجدان الراحلة بعد طلبها ( فأتى شجرة ، فاضطجع في ظلها ) : حال كونه ( وقد أيس من راحلته ) أي : من حصولها ووصولها ( فبينما هو كذلك ) أي : في هذا الحال منكسر البال ( وإذا هو بها قائمة عنده ) أي : إذا الرجل حاضر بتلك الراحلة حال كونها قائمة عنده من غير طلب ولا تعب ( فأخذ بخطامها ) أي : زمامها فرحا بها فرحا لا نهاية له ، ( ثم قال من شدة الفرح : اللهم أنت عبدي وأنا ربك ، أخطأ ) : أي : بسبق اللسان عن نهج الصواب وهو : أنا عبدك وأنت ربي ( من شدة الفرح ) كرره لبيان عذره وسبب صدوره ، فإن شدة الفرح والحزن ربما يقتل صاحبه ويدهش عقله ، حتى منع صاحبه من إدراك البديهيات . ( رواه مسلم ) .




الخدمات العلمية