الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( الفصل الثاني )

2375 - عن عقبة بن عامر : قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " إن مثل الذي يعمل السيئات ثم يعمل الحسنات كمثل رجل كانت عليه درع ضيقة قد خنقته ثم عمل حسنة فانفكت حلقة ثم عمل أخرى فانفكت أخرى حتى تخرج إلى الأرض " رواه في شرح السنة .

التالي السابق


( الفصل الثاني )

2375 - ( عن عقبة بن عامر ) ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( إن مثل الذي يعمل السيئات ، ثم يعمل الحسنات ) أي صفته ( كمثل رجل ) قيد به لمناسبته بالدرع ( كانت عليه درع ضيقة قد خنقته ) أي : عصرت حلقه ، فإنه بعمل السيئات يضيق صدره ، ويحيره في الأمور ، ويبغضه إلى الناس ، وبعمل الحسنات ينشرح صدره ، وتتيسر أموره ، ويصير محبوبا في قلوب الناس ، وهذا معنى قوله : ( ثم عمل حسنة ) أي : أي حسنة كانت ، والتنوين للتنكير ، وأما قول ابن حجر : أي أوصل نعمة لمن له قدرة على فك حلق تلك الدرع فجازاه بفك واحدة منها فموهم للتخصيصص ، ومخرج للحديث من التمثيل المعنوي إلى الأمر الحسي ، والعجب منه أنه قال : وما قررته في عمل حسنة هو الذي يصح به ترتيب الحديث ويتضح به التمثيل ، بخلاف ما أوهم كلام شارح من بقاء الحسنة على معناها من مجرد عمل العبادة لأنه لا مناسبة بين عملها وفك تلك الحلق فتأمله . اهـ . فتأملنا فوجدنا كلامه غير معقول المعنى لأن الإحسان إلى شخص مرة بعد أخرى بأن يفك في كل مرة حلقة من حلق الدرع متعسر ، بل متعذر عادة ، وأيضا الذي لبس درعا ضيقة تخنقت يقدر على خلعها ولا يحتاج إلى أنه يفعل أنواعا من الإحسان في كثير من الأزمان حتى يخلصه من اختناق درعه ( فانفكت ) أي : انحلت ( حلقة ) بسكون اللام ويفتح ( ثم عمل أخرى ) أي : حسنة ( فانفكت أخرى ) أي : حلقة ، وهكذا تنفك واحدة بواحدة بعد أخرى ( حتى تخرج إلى الأرض ) أي : حتى تسقط الدرع ، قال الطيبي : أي حتى تنحل وتنفك بالكلية ويخرج صاحبها من ضيقها ، فقوله : تخرج إلى الأرض كناية عن سقوطها . اهـ . والحديث تمثيل وبيان لقوله تعالى : إن الحسنات يذهبن السيئات ( رواه ) أي : البغوي ( في شرح السنة ) أي : بإسناده .

[ ص: 1647 ]



الخدمات العلمية