الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2929 - وعن محمد بن عبد الله بن جحش - رضي الله عنه - قال : كنا جلوسا بفناء المسجد حيث يوضع الجنائز ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس بين ظهرينا ، فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصره قبل السماء فنطر ، ثم طأطأ بصره ، ووضع يده على جبهته ، قال : " سبحان الله ! سبحان الله ! ماذا نزل من التشديد ؟ " قال : فسكتنا يومنا وليلتنا ، فلم نر إلا خيرا حتى أصبحنا . قال محمد : فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم : ما التشديد الذي نزل ؟ قال : " في الدين ، والذي نفس محمد بيده ، لو أن رجلا قتل في سبيل الله ، ثم عاش ، ثم قتل في سبيل الله ، ثم عاش ، ثم قتل في سبيل الله ثم عاش ، وعليه دين ، ما دخل الجنة حتى يقضى دينه " . رواه أحمد ، وفي " شرح السنة " نحوه .

التالي السابق


2929 - ( وعن محمد بن عبد الله بن جحش ) : بفتح جيم فسكون مهملة فمعجمة ، أي : القرشي الأسدي ، ولد قبل الهجرة بخمس سنين ، وهاجر مع أبيه إلى أرض الحبشة ، ثم هاجر من مكة إلى المدينة ، روى عنه أبو كثير مولاه وغيره ، ذكره المصنف . ( قال : كنا جلوسا ) : أي : جالسين ( بفناء المسجد ) : بكسر الفاء وهو المتسع أمام الدار ، كذا في النهاية . ( حيث يوضع الجنائز ) : بالتذكير والتأنيث فيه دليل على أنهم لم يكونوا يصلون على الجنائز داخل المسجد الشريف ( ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس بين ظهرينا ) : أي : بيننا . وظهرينا : مقحم للتأكيد والدلالة على كمال النصوص والقرب الشديد ( فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصره ) : أي : عينه ( قبل السماء ) : بكسر ففتح أي إلى جانبها ( فنظر ) : أي : نظرة‌‌ أو ساعة ( ثم طأطأ ) : بهمزتين أي خفض ( بصره ، ووضع يده على جبهته قال : سبحان الله ) : أي : تعجبا ( " سبحان الله " ) : تأكيدا ( ما نزل من التشديد ؟ ) : أي : التهديد والوعيد ( قال ) : أي : الراوي ( فسكتنا يومنا وليلتنا ) : أي : عن السؤال ( فلم نر إلا خيرا ) : دل هذا على أن سكوتهم ذلك لم يكن إلا عن تيقنهم أن النازل هو [ ص: 1965 ] العذاب وقوله ( حتى أصبحنا ) : يحتمل أن يكون غاية سكتنا ، وأن يكون غاية لم نر ( قال محمد ) : أي : الراوي ( فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما الشديد الذي نزل ؟ قال : " في الدين " ) : تقرير السؤال ما التشديد النازل أهو عذاب وقد انتظرنا ولم نر منه شيئا ، أم هو وحي ففيم نزل ؟ فأجاب في دين . أي : في شأن الدين ( " والذي نفس محمد بيده لو أن رجلا قتل في سبيل الله ، ثم عاش ، ثم قتل في سبيل الله ، " ) : أي : ثانيا ( ثم عاش ، ثم قتل في سبيل الله ) : أي : ثالثا ( ثم عاش ، ثم قتل في سبيل الله ) : أي : ثالثا ( " ثم عاش ، وعليه دين ، ما دخل الجنة حتى يقضى دينه ) : بصيغة المجهول ورفع " دينه " وفي نسخة بالمعلوم ونصب " دينه " . قال الطيبي - رحمه الله : يجوز أن يكون على بناء المفعول وعلى بناء الفاعل ، وحينئذ يحتمل أن يراد يقضي ورثته ، فحذف المضاف وأسند الفعل إلى المضاف إليه ، وأن يراد يقضي المديون يوم الحساب دينه . قال : ولعمري لم نجد نصا أشد وأغلظ من هذا في باب الدين ( رواه أحمد ) : أي : هذا اللفظ ( وفي شرح السنة نحوه ) : أي : معناه .




الخدمات العلمية