الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2939 - وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يحلبن أحد ماشية امرئ بغير إذنه ، أيحب أحدكم أن يؤتى مشربته فتكسر خزانته فينثل طعامه ؟ وإنما يخزن لهم ضروع مواشيهم أطعماتهم " . رواه مسلم .

التالي السابق


2939 - ( وعن ابن عمر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " لا يحلبن " : بضم اللام ، ويجوز كسرها على ما في القاموس ( أحد ماشية امرئ ) : أي : من غنم أو إبل أو بقر ( بغير إذنه ) : أي : أمره ورضاه ( أيحب أحدكم ) : استفهام إنكار ( أن يؤتى ) : بصيغة المجهول مؤنثا ومذكرا أي : يجاء ( مشربته ) : بفتح الميم وضم الراء ويفتح أي : غرفته ، وهي بيت فوقاني يوضع فيه المتاع ( فتكسر خزانته ) : بكسر الخاء المعجمة هي ككتابة فعل الخازن ومكان الخزن ، ولا يفتح كالمخزن والمقعد ( فينثل ) : أي : يؤخذ ( متاعه ؟ ) : وفي شرح السنة والنهاية ( فينثل طعامه ) : بالياء والنون والثاء المثلثة : أي : يستخرج ويؤخذ ( إنما يخزن ) : بالتذكير [ ص: 1970 ] والتأنيث وضم الزاي أي : يحفظ له ( ضروع مواشيهم أطعماتهم ) : جمع الجمع للطعام مبالغة وهو مفعول يخزن ، والمعنى أن ضروع مواشيهم في حفظ اللبن بمنزلة خزائنكم التي تحفظ طعامكم ، فمن حلب مواشيهم فكأنه كسر خزائنهم وسرق منها شيئا . في شرح السنة : " العمل على هذا عند أكثر أهل العلم أنه لا يجوز أن يحلب ماشية الغير بغير إذنه إلا إذا اضطر في مخمصة ويضمن ، وقيل : " لا ضمان عليه لأن الشرع أباحه له ، وذهب أحمد ، وإسحاق وغيرهما إلى إباحته لغير المضطر أيضا إذا لم يكن المالك حاضرا ، فإن أبا بكر - رضي الله عنه - حلب لرسول - صلى الله عليه وسلم - لبنا من غنم رجل من قريش يرعاها عبد له وصاحبها غائب في هجرته إلى المدينة ، ولما روى الحسن عن حمرة : " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( إذا أتى أحدكم على ماشية فإن كان فيها صاحبها فليستأذنه ، وإن لم يكن فيها فليصوت ثلاثا ، فإن أجابه أحد فليستأذنه ، وإن لم يجب أحد فليحلب وليشرب ولا يحمل " وقد رخص بعضهم لابن السبيل في أكل ثمار الغير ، لما روي عن ابن عمر - رضي الله عنهما - بإسناد غريب ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من دخل حائطا ليأكل غير متخذ خبنة فلا شيء عليه " وعند أكثرهم لا يباح إلا بإذن المالك إلا لضرورة مجاعة كما سبق ، قال التوربشتي : وحمل بعضهم هذه الأحاديث على المجاعة والضرورة ، لأنها لا تقاوم النصوص التي وردت في تحريم مال المسلم . قال النووي - رحمه الله : " غير المضطر إذا كان له إدلال على صاحب الطعام بحيث يعلم أو يظن أن نفسه تطيب بأكله منه بغير إذنه فله الأكل ، والمضطر إن وجد ميتة وطعاما لغيره فيه خلاف ، والأصح عندنا أنه يأكل الميتة ( رواه مسلم ) .




الخدمات العلمية