الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3443 - وعن سعيد بن المسيب - رضي الله عنه - : أن أخوين من الأنصار كان بينهما ميراث ، فسأل أحدهما صاحبه القسمة ، فقال : إن عدت تسألني القسمة فكل مالي في رتاج الكعبة . فقال له عمر : إن الكعبة غنية عن مالك ، كفر عن يمينك ، وكلم أخاك فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " لا يمين عليك ولا نذر في معصية الرب ، ولا في قطيعة الرحم ، ولا فيما لا يملك " . رواه أبو داود .

التالي السابق


3443 - ( وعن سعيد بن المسيب ) : من أجلاء التابعين ( أن أخوين من الأنصار بينهما ميراث ، فسأل أحدهما صاحبه ) : أي أخاه المصاحب المشارك في الميراث ( القسمة ) : أي في النخيل والعقار ، أو الدرهم والدينار ( فقال ) : أي الآخر ( إن عدت ) : بضم أوله أي : رجعت تسألني القسمة فكل مالي ) : بإضافة المال إلى ياء المتكلم ، وما موصولة أو موصوفة أي : فكل شيء لي من الملك ( في رتاج الكعبة ) : بكسر أوله أي مصالحها أو زينتها . قال صاحب القاموس : الرتج محركة الباب العظيم كالرتاج ككتاب ، وفي النهاية : الرتاج الباب ، وفي هذا الحديث الكعبة ، لأنه أراد أن ماله هدي إلى الكعبة لا إلى بابها ، فكنى بالباب لأنه منه يدخل ( فقال له عمر : إن الكعبة غنية عن مالك ) : بكسر اللام ( كفر عن يمينك ، وكلم أخاك ) : أي في عوده إلى سؤال القسمة ( فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " لا يمين عليك " ) : أي على مثلك ، والمعنى لا يجب إلزام هذه اليمين عليك ، وإنما عليك الكفارة . قال الطيبي رحمه الله : أي سمعت ما يؤدي معناه إلى قولي لك : لا يمين عليك لا يجب الوفاء بما نذرت ، وسمى النذر يمينا لما يلزم منه ما يلزم من اليمين ، وفي شرح السنة : اختلفوا في النذر إذا خرج مخرج اليمين مثل إن قال : إن كلمت فلانا فلله علي عتق رقبة ، وإن دخلت الدار فلله علي صوم أو صلاة ، فهذا نذر خرج مخرج اليمين ، لأنه قصد به منع نفسه عن الفعل كالحالف يقصد بيمينه منع نفسه عن الفعل ، فذهب أكثر الصحابة ومن بعدهم إلى أنه إذا فعل ذلك الفعل يجب عليه كفارة اليمين ، كما لو حنث في يمينه ، وإليه ذهب الشافعي ، ويدل عليه هذا الحديث وغيره ، وقيل : عليه الوفاء [ ص: 2255 ] بما التزمه قياسا على سائر النذور اهـ الكلام ، وقد سبق تحقيق ابن الهمام مما ينفعك في هذا المقام . ( " ولا نذر في معصية الرب " ) : أي لا وفاء في هذا النذر ( " ولا في قطيعة الرحم " ) : وهو تخصيص بعد تعميم لمناسبة المقام من منع الكلام مع أخيه في تحصيل المرام ( ولا فيما لا يملك " ) : بصيغة المجهول ، وفي نسخة بالمعلوم أي فيما لا يملك الناذر حين نذره ولو ملك بعده . ( رواه أبو داود ) .




الخدمات العلمية