الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3467 - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يزال المؤمن معنقا صالحا ، ما لم يصب دما حراما ، فإذا أصاب دما حراما بلح " . رواه أبو داود .

التالي السابق


3467 - ( وعن أبي الدرداء ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يزال المؤمن معنقا " ) : بضم الميم وكسر النون . في النهاية : أي : مسرعا في طاعته منبسطا في عمله ( " صالحا " ) : أي : قائما بحقوق الله وحقوق عباده صفة كاشفة ( " ما لم يصب " ) : بضم أوله وكسر ثانيه أي : لم يباشر ( " دما حراما ، فإذا أصاب دما حراما بلح " ) : بتشديد اللام بين الموحدة والحاء المهملة وتخفيف أي : أعيا وانقطع فلم يوفق للمسارعة . في النهاية : بلح الرجل انقطع من الإعياء ، فلم يقدر أن يتحرك ، ومنه من أصاب دما حراما بلح يريد وقوعه في الهلاك وقد يخفف اللام . وقال التوربشتي : بلح الرجل بلوحا أعيا وبلح تبليحا مثله ، والرواية عندنا في هذا الحديث بالتشديد . قلت : وهو أولى لأنه يفيد المبالغة والتأكيد . قال القاضي : المعنق المسرع في المشي من العنق وهو الإسراع والخطو الفسيح ، والتبليح الإعياء ، والمعنى أن المؤمن لا يزال موفقا للخيرات مسارعا إليها ما لم يصب دما حراما ، فإذا أصاب ذلك أعيا وانقطع عنه ذلك لشؤم ما ارتكبه من الإثم ، وقال أبو عبيدة : معنقا منبسطا في سيره يعني يوم القيامة . قال التوربشتي : لا أرى هذا سديدا ; لأن قوله : معنقا مشروط بقوله ما لم يصب دما حراما . ولا يصح أن يصيب دما حراما في القيامة . قال الطيبي رحمه الله : لعل مراده أن هذا إخبار من النبي صلى الله عليه وسلم عن الأحوال الآتية أي : لا يزال المؤمن منبسطا في سيره يوم القيامة ما لم يصب في الدنيا دما حراما ، ونحوه في المعنى حديث أبي هريرة : من أعان على قتل مؤمن بشطر كلمة لقي الله مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله . ويجوز أن يقع السبب والمسبب في الدنيا ، والمعنى لا يزال المؤمن في سعة من دينه يرجى له رحمة الله ولطفه ولو باشر الكبائر سوى القتل ، فإذا قتل أعيا وضاقت عليه على ما سبق في الحديث الثاني من الفصل الأول . ( رواه أبو داود ) .




الخدمات العلمية