الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
364 - عن حذيفة - رضي الله عنه - قال : أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - سباطة قوم ، فبال قائما . متفق عليه . قيل : كان ذلك لعذر .

التالي السابق


364 - ( عن حذيفة قال : أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - سباطة قوم ) : بضم المهملة بعدها موحدة هي المزبلة والكناسة كذا قاله الأبهري ، وقال بعضهم : هي في الأصل قمامة البيت ، ثم استعمل لمطرحها وملقاها مجازا ، ثم توسع واستعمل للفناء ( فبال قائما ) قيل : الحديث يدل على أن نهيه عليه الصلاة والسلام عمر عن ذلك للتنزيه لا للحرمة ، وقيل ذلك للحرمة وفعله عليه الصلاة والسلام كان لعذر وهو إما أنه لم يجد مكانا للقعود ، أو كان برجله ما يمنعه من القعود قال أبو الليث : رخص بعض الناس بأن يبول الرجل قائما وكرهه بعض الناس إلا من عذر ، وبه نقول . وقال الطيبي : السباطة والكناسة الموضع الذي يرمى فيه التراب والأوساخ وما يكنس من المنازل ، وإضافتها إلى القوم للتخصيص لا للتمليك لأنها كانت مواتا سبخة اهـ .

قال الأبهري : وإلا لم يفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - في ملكهم ، وقيل : يحتمل أن يكون علم إذنهم في ذلك بالتصريح أو غيره وفي شرح السنة : السباطة في الأغلب تكون مرتفعة عن وجه الأرض لا يرتد فيها البول إلى البائل ، وتكون سهلا . وقال الأبهري : قيل كان ما يقابله من السباطة عاليا ومن خلفه منحدرا مستفلا . لو جلس مستقبل السباطة سقط إلى خلفه ولو جلس مستدبرا لها بدا عورته للناس ( متفق عليه ) قال الشيخ : لو صح هذا الحديث لكان فيه غنى عن جميع ما تقدم ، لكن ضعفه الدارقطني والبيهقي ، والأظهر أنه فعل ذلك لبيان الجواز نقله الأبهري . ( قيل : كان ذلك لعذر ) . قال السيد جمال الدين : قيل : فعل ذلك لأنه لم يجد مكانا للقعود لامتلاء الموضع بالنجاسة ، وقيل : فعل ذلك لأنه إن استدبر للسباطة تبدو العورة للمارة ، وإن استقبلها خيف أن يقع على ظهره مع احتمال ارتداد البول إليه ، وقيل للأمن حينئذ من خروج شيء من السبيل الآخر ، وقيل كان برجله جرح ، روى أبو هريرة كما أخرجه الحاكم والبيهقي أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بال قائما لجرح مأبضه ، وهي بهمزة ساكنة بعدها موحدة بعدها معجمة باطن الركبة ، إذ لم يتمكن من القعود ، وعن الشافعي : أن العرب تستشفي لوجع الصلب بالبول قائما ، فلعله كان به ذلك ، وإلا فالمعتاد منه عليه الصلاة والسلام بوله قاعدا وهو الاختيار ، وفي الإحياء أجمع أربعون طبيبا على أن البول في الحمى قائما دواء عن سبعين داء قاله زين العرب .




الخدمات العلمية