الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3732 - وعن عبد الله بن عمرو وأبي هريرة قالا : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر واحد . متفق عليه .

التالي السابق


3732 - ( وعن عبد الله بن عمرو ) بالواو ( وأبي هريرة قالا : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إذا حكم الحاكم فاجتهد ) عطف على الشرط على تأويل : أراد الحكم ( فأصاب ) عطف على ( فاجتهد ) وفي نسخة صحيحة بالواو ; أي : وقع اجتهاده موافقا لحكم الله ( فله أجران ) ; أي أجر الاجتهاد وأجر الإصابة والجملة جزاء الشرط ( وإذا حكم فاجتهد فأخطأ ) وفي نسخة وأخطأ ( فله أجر واحد ) قال الخطابي : إنما يؤجر المخطئ على اجتهاده في طلب الحق ; لأن اجتهاده عبادة ; ولا يؤجر على الخطأ ، بل يوضع عنه الإثم فقط ، وهذا فيمن كان جامعا لآلة الاجتهاد ، عارفا بالأصول ، عالما بوجوه القياس ، فأما من لم يكن محلا للاجتهاد فهو متكلف ولا يعذر بالخطأ بل [ ص: 2426 ] يخاف عليه الوزر ويدل عليه قوله عليه الصلاة والسلام : " القضاة ثلاثة واحد في الجنة واثنان في النار " وهذا إنما هو في الفروع المحتملة للوجوه المختلفة دون الأصول ; التي هي أركان الشريعة وأمهات الأحكام التي لا تحتمل الوجوه ولا مدخل فيها للتأويل ; فإن من أخطأ فيها كان غير معذور في الخطأ ، وكان حكمه في ذلك مردودا ، قال النووي : اختلفوا في أن كل مجتهد مصيب ; أم المصيب واحد ، وهو من وافق الحكم الذي عند الله ، والآخر مخطئ ، والأصل عند الشافعي وأصحابه الثاني ; لأنه سمي مخطئا ولو كان مصيبا لم يسم مخطئا ; وهو محمول على من أخطأ النص ، أو اجتهد فيما لا يسوغ فيه الاجتهاد ، ومن ذهب إلى الأول قال : قد جعل للمخطئ أجر ، ولولا إصابته لم يكن له أجر ، وهذا إذا كان أهلا للاجتهاد ، وأما من ليس بأهل حكم ; فلا يحل له الحكم ، ولا ينفذ سواء وافق الحكم أم لا ; لأن إصابته اتفاقية ، فهو عاص في جميع أحكامه اهـ . ومذهب أبي حنيفة فيما لا يوجد بيانه في النصوص من الكتاب والسنة والإجماع ; فلا إمكان له إلا القياس ; فيكون كمتحري القبلة فإنه مصيب وإن أخطأ ( متفق عليه ) ورواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه عن عمرو بن العاص وأحمد والستة عن أبي هريرة .




الخدمات العلمية