الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3996 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ، فذكر الغلول ، فعظمه وعظم أمره ، ثم قال : " لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء يقول : يا رسول الله ! أغثني ، فأقول لا أملك لك شيئا ، قد أبلغتك . لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته فرس له حمحمة ، فيقول : يا رسول الله ! أغثني ، فأقول : لا أملك لك شيئا ، قد أبلغتك ، لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته شاة لها ثغاء يقول : يا رسول الله ! أغثني ، فأقول : لا أملك لك شيئا قد أبلغتك . لا ألفين أحدكم يجيء القيامة على رقبته نفس لها صياح ، فيقول : يا رسول الله ! أغثني ، فأقول : لا أملك لك شيئا ، قد أبلغتك . لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته رقاع تخفق ، فيقول : يا رسول الله ! أغثني ، فأقول : لا أملك لك شيئا ، قد أبلغتك . لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته صامت ، فيقول : يا رسول الله ! أغثني ، فأقول : لا أملك لك شيئا ، قد أبلغتك " . متفق عليه وهذا لفظ مسلم ، وهو أتم .

التالي السابق


3996 - ( وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ) أي : يوما من الأيام . وذات مقحمة مانعة من كون اليوم بمعنى الوقت المطلق ( فذكر الغلول ) : بضم المعجمة . قال أبو عبيدة : هو الخيانة في الغنيمة ، وقال غيره : هو أعم ذكره النووي ( فعظمه ) أي : شأنه عطف على فذكر تفسيرا له ( وعظم أمره ) : عطف تفسير لما قبله أيضا ، وأغرب الطيبي وقال : هو عطف على فعظمه على طريقة : أعجبني زيد وكرمه أي : كرم زيد ، وقوله تعالى : ( يخادعون الله والذين آمنوا ) وقوله فعظمه عطف على فذكر الغلول على هذا المنوال اهـ . وفيه ما لا يخفى ( ثم قال : " لا ألفين " ) : بضم الهمزة وكسر الفاء لا أجدن ( " أحدكم " ) : كقولهم : لا أرينك هاهنا نهى نفسه عن أن يجدهم على هذه الحالة ، والمراد نهيهم عن ذلك وهو أبلغ وقوله : ( " يجيء يوم القيامة " ) : حال من أحدكم وقوله : ( " على رقبته " ) : من الضمير في يجيء وقوله : ( " بعير " ) : فاعل الظرف لاعتماده أي : هذه حالة فظيعة شنيعة لا ينبغي أن أراكم عليها لفضيحتكم على رءوس الأشهاد ، ويدل على هذا التأويل حديث عبادة بن الصامت في الفصل الثاني من قوله : فإنه عار على أهله يوم القيامة ( " له " ) أي : للبعير ( رغاء ) بضم الراء صوت الإبل يقال : رغا يرغو رغاء ذكره في النهاية ( يقول ) أي : أحدكم ( " يا رسول الله ! أغثني " ) : أمر من الإغاثة والمراد منه الشفاعة ( " فأقول : لا أملك " ) أي : من الله ( " لك " ) أي : لأجلك ( " شيئا " ) أي : من الدفع والنفع ، والمعنى لا أدفع عنك شيئا من عذاب الله ( " قد أبلغتك " ) أي : وثبتت عليك الحجة فيما بين المؤمنين : ( وما على الرسول إلا البلاغ المبين ) ( " لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته فرس له حمحمة " ) : بالحاءين المهملتين صوت الفرس دون الصهيل ، ذكره في النهاية . ويمكن أن يجرد ويراد به مطلق صوته ، وسبق عن القاموس أن الفرس يذكر ويؤنث . ( فيقول : يا رسول الله ! أغثني فأقول : لا أملك لك شيئا ، قد أبلغتك ، لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته شاة لها ثغاء " ) : بضم المثلثة صوت الشاء ( " يقول : يا رسول الله ! أغثني . فأقول : لا أملك لك شيئا قد أبلغتك . لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته نفس لها صياح " ) : بكسر أوله . قال التوربشتي : يريد بالنفس [ ص: 2582 ] المملوك الذي يكون قد غله من السبي وقيل : المقتول بغير حق ( " فيقول : يا رسول الله ! أغثني . فأقول : لا أملك شيئا قد أبلغتك . لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته رقاع " ) : بكسر الراء جمع رقعة . وهي قطعة من الثوب أي : ثياب يغلها من الغنيمة ، أو يأخذها بغير حق ، أو يلبسها بغير استحقاق كمرقعات الصوفية الجهلة . ( " تخفق " ) : بكسر الفاء أي : تضطرب وتتحرك اضطراب الراية ( " فيقول : يا رسول الله ! أغثني . فأقول : لا أملك لك شيئا قد أبلغتك . لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته صامت " ) : خلاف ناطق . أي : ذهب وفضة وما في معناهما ( " فيقول : يا رسول الله ! أغثني فأقول : لا أملك لك شيئا قد أبلغتك " . متفق عليه ) أي : معنى ( وهذا لفظ مسلم ، وهو ) أي : لفظ مسلم ( أتم ) أي : أتم تفصيلا من لفظ البخاري ، ولذا اختير .




الخدمات العلمية