الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4188 - وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقرن الرجل بين التمرتين حتى يستأذن أصحابه " . متفق عليه .

التالي السابق


4188 - ( وعن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما - قال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقرن ) : بضم الراء وفي نسخة بكسرها ، ففي المصباح : قرن من باب نصر ، وفي لغة من باب ضرب . وفي القاموس : قرن بين الحج والعمرة قرنا جمع كأقرن في لغة ، والقران ككتاب الجمع بين التمرتين في الأكل أي : يجمع ( الرجل بين التمرتين ) : أي : بأن يأكلهما دفعة ( حتى يستأذن ) : أي الرجل ( أصحابه ) : أي رفقاءه أو أصحاب الطعام . قال بعض علمائنا : هذا إذا أضافهم أحد ، فإن خلطوا طعامهم وأكلوا معا يجوز أم لا ؟ قال الأئمة : يجوز ، لكن لا يجوز أن يقصد الرجل منهم لقمة من لقمة صاحبه ، فإن اتفق أكل أحدهم أكثر بلا قصد جاز اهـ . وقيل : هذا إذا كان زمان قحط ، أو كان الطعام قليلا والآكلون كثيرا ، فإنه إذ ذاك يحتاج إلى الاستئذان . قال السيوطي : في الحديث نهي عن القران ، وسببه أنهم كانوا في ضيق من العيش ثم نسخ لما حصلت التوسعة لخبر : " كنت نهيتكم عن القران في التمر وإن الله وسع عليكم فقارنوا " أي : إن شئتم . في شرح السنة : فيه دليل على جواز المناهدة ، وهي أن يخرجوا نفقاتهم على قدر عدد الرفقة ، وكان المسلمون لا يروا بها بأسا وإن تفاوتوا في الأكل عادة إذا لم يقصد مغالبة صاحبه .

وقال الخطابي : إنما جاء النهي عن القران لعلة معلومة وهي ما كان القوم فيه من شدة العيش وضيق الطعام ، وأما اليوم مع اتساع الحال فلا حاجة إلى الإذن . قال النووي رحمه الله : وليس كما قال الخطابي ، بل الصواب التفصيل ، كما سنذكره ؛ لأن الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب لو ثبت ، فكيف وهو غير ثابت ، وذلك أن الطعام إذا كان مشتركا بينهم ، فالإقران حرام إلا برضاهم إما تصريحا منهم أو ظنا قويا منه ، وإن شك فيه فهو حرام ، وإن كان الطعام لنفسه وقد ضيفهم به فلا يحرم عليه القران ، ثم إن كان في الطعام قلة فلا يحسن القران ، بل يساويهم وإن كان كثيرا ، بحيث يفضل عنهم فلا بأس به ، لكن الأدب مطلقا التأديب في الأكل وترك الشره إلا أن يكون مستعجلا كما سبق ، وفيه أن الخطابي بنى كلامه على حسن الظن بالمؤمنين وعلى الاتساع الأغلبي ، فما خرج عن حيز الصواب إلى صوب الخطأ ، مع أن الخطابي ثبت من أئمة النقل ، ويؤيده نقل السيوطي مع تصريح الحديث عليه ، والقاعدة أن المثبت مقدم على النافي ، فتأمل وأنصف إن كنت لست من أهل التقليد وتريد طريق التحقيق والتأييد ( متفق عليه ) : وفي الجامع الصغير بلفظ : " نهى عن الإقران إلا أن يستأذن الرجل أخاه " . رواه أحمد والشيخان وأبو داود عنه ، نهى أن يلقي النواة على الطبق الذي يؤكل منه الرطب والتمر . رواه الشيرازي بسند ضعيف عن علي - رضي الله عنه - .




الخدمات العلمية