الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4274 - وعن سهل بن سعد - رضي الله عنه - قال : أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بقدح ، فشرب منه وعن يمينه غلام أصغر القوم ، والأشياخ عن يساره . فقال : " يا غلام ! أتأذن أن أعطيه الأشياخ ؟ " ، فقال : ما كنت لأوثر بفضل منك أحدا يا رسول الله ! فأعطاه إياه . متفق عليه وحديث أبي قتادة سنذكره في " باب المعجزات " إن شاء الله تعالى .

[ ص: 2751 ]

التالي السابق


[ ص: 2751 ] 4274 - ( وعن سهل بن سعد - رضي الله تعالى عنه - ) : أي الساعدي الأنصاري ( قال : أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - ) : أي جيء ( بقدح ) : أي فيه ماء أو لبن ( فشرب منه ) : أي بعض ما فيه ( وعن يمينه غلام ) : تقدم أنه ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - ( أصغر القوم ) : خبر مبتدأ محذوف والجملة صفة غلام ( والأشياخ عن يساره ) : ومنهم خالد بن الوليد ( فقال : " يا غلام ! أتأذن ) : أي لي ( أن أعطيه الأشياخ ؟ ) : أي أولا أو لا .

والأظهر أن الاستفهام للتقرير ( فقال : ما كنت ) : في عدوله من المضارع إلى الماضي مبالغة وقوله : ( لأوثر ) : بكسر اللام وضم الهمزة وكسر المثلثة ونصب الراء أي ما كنت لأختار على نفسي ( بفضل ) : أي بسؤر متفضل ( منك أحدا يا رسول الله ! ، فأعطاه ) : أي القدر أو سؤره ( إياه ) : أي الغلام . قال ابن حجر تبعا لما سبق عن النووي : الإيثار في القرب مكروه ، وفي حظوظ النفس مستحب اهـ .

وفي كون هذا الحديث دليلا لهذا المطلب محل بحث ، ولأنه لو لم يجز إيثار ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - لما استأذنه - صلى الله عليه وسلم - . نعم بتقريره فيما فعله تنبيه على جوازه مع أن رعاية الأدب ، لا سيما مع حسن الطلب في هذا المقام المقتضي للتواضع من الأكابر الفخام - هو الإيثار المستفاد عمومه من قوله تعالى : ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة على أن ما قصده من فضيلة الفضلة لم يكن يفوته ، بل كان مع الإيثار زيادة فائدة سؤر بقية الأفاضل الأبرار ; ولذا قال العلماء : كلما كثر الواسطة في الخرقة النبوية ، فهو أفضل من أجل حصول بركة البقية بخلاف الإسناد حيث كلما قلت الوسائط فيه فهو أعلى درجة ; لأنه أبعد من الخطأ في الرواية ، وإنما اختار ابن عباس - رضي الله عنهما - قرب فضله مع احتماله قوته ، فهو مصيب من هذه الجهة في الجملة على أن كثيرا من المشايخ قالوا : لا إيثار إلا في الأمور الأخروية والدينية ، فإنه لا خطر ولا عظمة للأمور الدنيوية الدنية ، لكن بشرط أن لا يفوته أصل الطاعة . ( متفق عليه ) .

وسنذكر رواية الترمذي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - فإن كانت القضية واحدة فتحتاج إلى التطبيق ، والله ولي التوفيق .

( وحديث أبي قتادة ) : رضي الله عنه ، وهو حديث طويل في آخره أن ساقي القوم آخرهم شربا . ( سنذكره في باب المعجزات إن شاء الله تعالى ) : أي لأنه أنسب بها من ها هنا .




الخدمات العلمية