الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4665 - وعن جابر - رضي الله عنه - قال : أتى رجل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : لفلان في حائطي عذق ، وأنه قد آذاني مكان عذقه ، فأرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - " أن بعني عذقك " قال : لا . قال : " فهب لي " . قال : لا . قال : " فبعنيه بعذق في الجنة " . فقال : لا . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " ما رأيت الذي هو أبخل منك إلا الذي يبخل بالسلام " . رواه أحمد ، والبيهقي في " شعب الإيمان " .

التالي السابق


4665 - ( وعن جابر - رضي الله عنه - قال : أتى رجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : لفلان في حائطي ) أي : بستاني المحدق بالحيطان ، وقد يراد البستان المجرد ( عذق ) ، بفتح مهملة وسكون معجمة أي : نخلة وأما بكسر أوله فالعرجون بما فيه من الشماريخ ( وإنه ) أي : الشأن أو الفلان ( قد آذاني ) : . بمد أوله أي : جعلني في الأذى ( مكان عذقه ) ، بالرفع على أنه فاعل أي : آذاني وجوده أو عذقه ومكان مقحم . قال الطيبي ونحوه قوله تعالى : إن كان كبر عليكم مقامي ، الكشاف مقامي مكاني يعني نفسه كما تقول : فعلت كذا لمكان فلان . قلت : الأظهر في الآية أن مقامي بمعنى : وقوفي بالحياة وقيامي بحق النبوة وتذكيري بآيات الله أي : وعظي إياكم بالآيات المنقولة أو المعقولة أو الآفاقية والأنفسية أو المعجزات البينات . وفي نسخة بالنصب على نزع الخافض أي : آذاني مروره بسبب مكان عذقه ( فأرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ) : مفسرة لما في الإرسال من معنى القول أي : ( بعني عذقك ) أي : بأي ثمن تريده

[ ص: 2958 ] من الدنيا ( قال : لا ) أي : لا أبيعه ( قال : فهب لي ) : أي حتى أهب له ، ويحتمل أن يكون معناه فهبه إياه لأجلي ، وعلى كل كان ذلك بطريق الشفاعة لا الإلزام ( قال : لا ) أي : لا أهب ( قال : فبعنيه بعذق في الجنة ) . فقال الطيبي : يشعر بأن الرجل كان مسلما ، وكان سوم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إياه شفاعة منه لا آمرا وإلا لوجب عليه قبوله والحكم بعصيانه ، كما في حديث بريدة وقد تقدم ( فقال : لا ) ، أي : لا أبيعه به أيضا ( فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما رأيت الذي هو أبخل منك إلا الذي يبخل بالسلام ) أي : على الناس أو على النبي - صلى الله عليه وسلم - كما ورد : البخيل الذي ذكرت عنده ولم يسلم علي ، وفي الحديث استحباب المصالحة بين المتخاصمين وبيان كمال حلمه - صلى الله عليه وسلم - على أصحابه ، ولعل الرجل كان من جفاة الأعراب ، أو وقع له المقال في كمال غضبه من الحال حتى غفل عن مقام الأدب وفاته ما كان صريحا في حسن المآل ( رواه أحمد ، والبيهقي في شعب الإيمان ) .




الخدمات العلمية