الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4669 - وعن جابر - رضي الله عنه - قال : أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في دين كان على أبي ، فدققت الباب ، فقال : " من ذا ؟ " فقلت : أنا . فقال : " أنا ! أنا ! " كأنه كرهها . متفق عليه .

التالي السابق


4669 - ( وعن جابر - رضي الله تعالى عنه - ) أي : ابن عبد الله صحابيان جليلان ، قتل أبوه في أحد ( قال : أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في دين كان على أبي ) ، وسيأتي حديثه في الفصل الأول من باب المعجزات ( فدققت الباب ) أي : بلطف كضرب الأظافير على ما هو دأب أرباب الألباب . ( فقال : من ذا ؟ ) ، أي : الذي يدق ( قلت ) : وفي نسخة صحيحة : فقلت ( أنا ) : يقرأ بالألف وقفا وبحذفه وصلا ( فقال : أنا ! أنا ) : مكرر للإنكار عليه . قال الطيبي : أي : قولك أنا مكروه فلا تعدو الثاني تأكيد . ( كأنه كرهها ) . أي : كلمة أنا ، فإنه لم يستأذن بالسلام ، بل بالدق ؛ ذكره البرماوي ، أو لأن قوله من ذا استكشاف للإبهام ، وقوله : أنا لم يزل به الإشكال والإبهام ; لأنه بيان عند المشاهدة لا عند الغيبة ، وكان حق الجواب أن يقول : جابر ، أو أنا جابر ، وهذا معنى ما قال شارح ; لأن قوله أنا لا يشعر بصاحبه . قلت : اللهم إلا إذا كان من أهل البيت ممن يعرف بصوته على ما هو المتعارف ، إذ لا شك أنه لو عرفه - صلى الله عليه وسلم - بصوته لما أنكره عليه لحصول المقصود به ، ثم قال : أو لأن فيه تعظيما فلم ير التكلم بلفظ ليس فيه تواضع اهـ .

وفيه أنه لو قال : أنا جابر لم يكن يكرهها . وقال النووي وإنما كره ; لأنه لم يحصل بقوله أنا فائدة تزيل الإبهام ، بل ينبغي أن يقول فلان باسمه ، وإن قال : أنا فلان فلا بأس ، كما قالت أم هانئ حين استأذنت ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم : " من هذه ؟ " فقالت : أنا أم هانئ ، ولا بأس أن يصف نفسه بما يعرف إذا لم يكن منه بد ، وإن كان صورة لها فيه تبجيل وتعظيم بأن يكني نفسه ، أو يقول أنا المفتي فلان أو القاضي أو الشيخ اهـ . والحاصل أن المقصود المعرفة ليترتب عليه الإذن وعدمه ( متفق عليه ) .




الخدمات العلمية