الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4914 - وعن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " إن آل أبي فلان ليسوا لي بأولياء ، إنما وليي الله وصالح المؤمنين ، ولكن لهم رحم أبلها ببلالها " . متفق عليه .

التالي السابق


4914 - ( وعن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : إن آل أبي ) أي : " أبي فلان " كما في نسخة صحيحة ، فقيل : هو كناية من بعض الرواة خوفا من الفتنة ، والمكنى عنه هو أبو سفيان بن حرب ، وقيل : هو الحكم بن العاص ، والأظهر أنه على العموم من طوائف قريش أو بني هاشم أو أعمامه ، وهو ظاهر الحديث ، أي : أهل أبي ( ليسوا لي بأولياء ) ; لأنه كما قال تعالى : إن أولياؤه إلا المتقون ، وأشار إليه بقوله : ( إن وليي الله ) وفي نسخة : بياء واحدة مشددة مفتوحة وروي مكسورة ( وصالح المؤمنين ) أي : صلحاؤهم ، والمراد بالصالح الجنس ولذلك عم بالإضافة وهو مقتبس من قوله تعالى : فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين ، وكذلك في قوله تعالى : إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين ، إيماء إلى هذا المعنى ، وفي رواية الطبراني ، عن أنس مرفوعا : " آل محمد كل تقي " ، وقيل : المراد بصالح المؤمنين الأنبياء ، وقيل : أبو بكر وعمر ، وقيل : علي ، والصحيح العموم . قال التوربشتي : المعنى أني لا أوالي أحدا بالقرابة ، وإنما أحب الله سبحانه ، وأوالي من والى بالإيمان والصلاح ، وأراعي لذوي الرحم حقهم بصلة الرحم ، وهذا معنى قوله : ( ولكن لهم ) أي : لآل أبي ( رحم ) أي : قرابة أعم من ذي محرم أو غيره ( أبلها ) : بضم الموحدة واللام المشددة ، أي : أصلها ( ببلالها ) : بكسر الموحدة الثانية ويفتح ، أي : بصلتها والإحسان إليها ، والأصل في معناه أن يقال : أنديها بما يجب أن تندى لئلا تنقطع ، وأصلها بما ينبغي أن توصل به ، يقال : الوصل بل يوجب الالتصاق والاتصال ، والهجر يبس يفضي إلى التعنت والانفصال ، فالبلال بالكسر ما يبل به الحلق من الماء واللبن ، والمراد به ههنا ما يوصل به الرحم من الإحسان . وقال بعض الشراح : يروى بفتح الباء على المصدر وبكسرها جمع بلل مثل جمل وجمال ، وقيل الكسر أوجه ، ومنه قوله عليه السلام على ما رواه البزار عن ابن عباس ، والطبراني عن أبي الطفيل ، والبيهقي عن أنس وسويد بن عمر مرفوعا " بلوا أرحامكم ولو بالسلام " أي : صلوها وندوها ، والعرب تقول للقطيعة اليبس شبه قطيعة الرحم بالحرارة تطفأ بالماء وتندى بالصلة . ( متفق عليه ) .




الخدمات العلمية