الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4972 - وعن أبي موسى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة ، وحامل القرآن غير الغالي فيه ولا الجافي عنه وإكرام السلطان المقسط " . رواه أبو داود ، والبيهقي في " شعب الإيمان " .

التالي السابق


4972 - ( وعن أبي موسى - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن من إجلال الله ) أي : تعظيمه وتكريمه والمصدر مضاف إلى الفاعل أو المفعول قاله ابن الملك ، والظاهر هو الثاني ، كما هو متعين في قوله : ( إكرام ذي الشيبة المسلم ، وحامل القرآن ) أي : وإكرام قارئه وحافظه ومفسره ( غير الغالي فيه ) : بالجر ، أي : غير المجاور عن الحد لفظا ومعنى كالموسوسين والشكاكين أو المرائين أو الخائن في لفظه بتحريفه كأكثر العوام ، بل وكثير من العلماء أو في معناه بتأويله الباطل كسائر المبتدعة . ( ولا الجافي عنه ) ، أي : وغير المتباعد عنه المعرض عن تلاوته ، وأحكام قراءته ، وإتقان معانيه ، والعمل بما فيه ، وقيل : الغلو المبالغة في التجويد أو الإسراع في القراءة ، بحيث يمنعه عن تدبر المعنى ، والجفاء أن يتركه بعدما علمه لا سيما إذا كان نسيه ، فإنه عد من الكبائر . في النهاية ، ومنه الحديث : اقرءوا القرآن ، ولا تجفوا عنه ، أي : تعاهدوه ، ولا تبعدوا عن تلاوته بأن تتركوا قراءته وتشتغلوا [ ص: 3115 ] بتفسيره وتأويله ، ولذا قيل : اشتغل بالعلم بحيث لا يمنعك عن العمل ، واشتغل بالعمل بحيث لا يمنعك عن العلم ، وحاصله أن كلا من طرفي الإفراط والتفريط مذموم والمحمود هو الوسط العادل ، وأقله أن يغلب عدله جوره خلافا لمن كان عكسه ، فإن البعد عنه أفضل ، ولذا قال بعض علمائنا : من قال في هذا الزمان سلطاننا عادل ، فهو كافر ، مع أنه لا يخلو كل سلطان عن نوع عدل ، وتحقيقه مبني على الفرق بين من يعدل وبين العادل ، فإن الثاني يطلق عرفا على من كان موصوفا بالعدل على طريق الدوام ، كما يقال : فلان المصلي وفلان الذي يصلي ، هذا وفي شرح السنة قال طاوس : من السنة أن توقر أربعة : العالم وذا الشيبة والسلطان والوالد . قلت : وفي معناه الوالدة ، والمراد بالعالم : هو الجامع بين العلم والعمل ، كما هو مستفاد من قوله : ( حامل القرآن ) . ولعل عدم ذكر الوالد في الحديث لظهوره وعمومه ، أو لأن الكلام في الأجانب ، فإذا كان الأب شيخا وحاملا للقرآن وسلطانا ظاهريا فيزداد إجلاله ; لأنه يجب تعظيمه من وجوه كثيرة . ( رواه أبو داود ، والبيهقي في شعب الإيمان ) . وروى الخطيب في الجامع ، عن أنس أن من الإجلال توقير الشيخ من أمتي ، ولعله من جوامع الكلم ، فإن الشيخ يطلق على ذي الشيبة والعالم والرئيس ، ومنه ما روي : الشيخ في قومه كالنبي في أمته .




الخدمات العلمية