الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4974 - وعن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من مسح رأس يتيم لم يمسحه إلا لله ، كان له بكل شعرة تمر عليها يده حسنات ، ومن أحسن إلى يتيمة أو يتيم عنده كنت أنا وهو في الجنة كهاتين " وقرن بين أصبعيه . رواه أحمد ، والترمذي ، وقال : هذا حديث غريب .

التالي السابق


4974 - ( وعن أبي أمامة ) أي : الباهلي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من مسح رأس يتيم ) : وكذا حكم اليتيمة ، بل هي الأولى بالحنية ; لضعفها ، ثم التنكير يفيد العموم فيشمل القريب ، والأجنبي يكون عنده أو عند غيره . ( لم يمسحه ) : حال من فاعل مسح أي : والحال أنه لم يمسح رأس اليتيم ( إلا لله ) أي : لا لغرض سواه ( كان له ) أي : للماسح ( بكل شعرة ) : بسكون العين ويفتح أي : بكل واحدة من شعر رأسه ( يمر ) : بالتذكير ويؤنث من المرور أي : يأتي ( عليها ) : وكذا حكم محاذيها ( يده ) : وفي نسخة : من الإمرار ففاعله ضمير الماسح ويده مفعوله ( حسنات ) بالرفع على اسم كان ، والظاهر أن الحسنات مختلفة كمية وكيفية باعتبار تحسين النيات . قال الطيبي : مسح رأس اليتيم كناية عن الشفقة والتلطف إليه ، ولما لم تكن الكناية منافية لإرادة الحقيقة لإمكان الجمع بينهما كما تقول : فلان طويل النجاد وتريد طول قامته ، مع طول علاقة سيفه رتب عليه قوله بكل شعرة يمر عليه يده . ( ومن أحسن إلى يتيمة أو يتيم ) : قيل : " أو " للتنويع وقدم اليتيمة ; لأنها أحوج ، والظاهر أنه شك من أحد الرواة وقع في غير محله ; لأن حكم اليتيم قد علم مما سبق ، ففي هذه الفقرة جبر اليتيمة باللطف ، اللهم إلا أن يخص الإحسان بالإنعام والإنفاق ونحوهما مما يغاير معنى مطلق الإحسان الشامل للمسح ، فـ ( أو ) للتنويع حينئذ مع احتمال الشك ; لأن الأحكام الشرعية غالبا يستوي فيها المذكر والمؤنث ، مع احتمال أن يكون كل فصل من الحديث على حدة سمعه الراوي ، فجمعهما في الأداء ، ثم قوله : ( عنده ) : أعم من أن يكون اليتيم له أو لغيره [ ص: 3116 ] ( كنت أنا وهو ) أي : المحسن وأتى بضمير الفصل ، ليصح العطف على الضمير ( في الجنة ) : خبر كان ، فيجب أن يقدر متعلقه خاصا يوافق قوله : ( كهاتين ) أي : متقارنين في الجنة اقترانا مثل هاتين الأصبعين ، ويجوز أن يكون كهاتين حالا من الضمير المستقر في الخبر ، وأن يكون هو الخبر ، وفي الجنة ظرف لكنت كذا حققه الطيبي ( وقرن بين أصبعيه ) أي : المسبحة والوسطى . وفي الحديث إشارة إلى بشارة حسن الخاتمة ( رواه أحمد والترمذي ، وقال : هذا حديث غريب ) . وفي الجامع الصغير : " من أحسن إلى يتيم أو يتيمة كنت أنا وهو في الجنة كهاتين " رواه الحكيم عن أنس ، وفي رواية الطبراني عن ابن عباس بلفظ : " من آوى يتيما أو يتيمين ، ثم صبر واحتسب كنت أنا وهو في الجنة كهاتين " .




الخدمات العلمية