الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإن كان له ثلاث زوجات كبار ورابعة صغيرة ، فاجتمع الكبار على رضاع الصغيرة فأرضعنها خمس رضعات بينهن لم تصر واحدة منهن ، إما للصغيرة ؛ لأنها لم تستكمل رضاعها خمسا ، وفي تحريم الصغيرة على الزوج إذا كان اللبن له وجهان : أحدهما : وهو قول أبي القاسم الأنماطي وأبي العباس بن سريج : لا تحرم على الزوج ولا تصير له ولدا ؛ لأن تحريم الرضاع ينتشر عن المرضعة إلى غيرها ، فلما لم يثبت تحريم الرضاع في المرضعة فأولى أن لا ينتشر إلى غير المرضعة ، فعلى هذا يكون نكاح الصغيرة والكبار بحاله . والوجه الثاني : وهو قول أبي إسحاق المروزي : إن الصغيرة قد صارت بنتا للزوج ، وإن لم تصر بنتا لواحدة من المرضعات ؛ لأن المرضعة تصير أما إذا أرضعت خمسا ، وهذه قد استكملت خمس رضعات من لبنه فاستوى حكم الخمس من واحدة أو من خمس . فعلى هذا يبطل نكاح الصغيرة : لأنها صارت بنته ، ولا يبطل نكاح واحدة من [ ص: 390 ] الكبار ؛ لأنها لم تصر من أمهات نسائه ، ويكون للصغيرة نصف مهرها وترجع بنصف مهر مثلها على الكبار بينهن على أعداد الزوجات . وعلى هذا لو أن رجلا له خمس بنات مراضع اشتركن في إرضاع صغيرة فأرضعت كل واحدة منهن رضعة ، فلا تكون فيهن أم لها ، وهل أبوهن جد لها ويصرن بذلك اللبن خالات أم لا ؟ على ما ذكرنا من الوجهين : أحدهما : وهو قول الأنماطي : إنه لا يصير أبوهن جدا لها ، ولا هن خالاتها ولا تحرم على أبيهن ولا على إخوتهن ، ويجوز للأجنبي إذا تزوج الصغيرة أن يجمع بينها وبين من شاء من المرضعات الخمس . والوجه الثاني : أنه قد صار أبوهن جدا لها لارتضاعها من لبن بناته خمس رضعات ، فيحرم عليه وعلى أولاده : لأنهم أخوالها ، ولا يجوز للأجنبي إذا تزوجها أن يجمع بينها وبين إحدى المرضعات ؛ لأنها خالتها ، والله أعلم بالصواب .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية