الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء


              381 - خليفة العبدي

              ومنهم خليفة العبدي ، كان للفكرة والخدمة مستلذا ، ومن لوامع العبرة مستمدا ، رضي الله تعالى عنه .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا جعفر بن أحمد بن فارس ، ثنا عبد الله بن أبي زياد ، ثنا جعفر بن سليمان ، قال : سمعت خليفة العبدي - وكان متعبدا - يقول : لو أن الله لم يعبد إلا عن رؤية ما عبده أحد ، ولكن المؤمنين تفكروا في مجيء هذا الليل إذا جاء فملأ كل شيء وغطى كل شيء ، وفي مجيء سلطان النهار إذا جاء فمحى سلطان الليل ، وفي السحاب المسخر بين السماء والأرض ، وفي النجوم ، وفي الشتاء وفي الصيف ، فوالله ما زال المؤمنون يتفكرون فيما خلق ربهم حتى أيقنت قلوبهم بربهم ، وحتى كأنما عبدوا الله تعالى عن رؤية .

              حدثنا أبي ، ثنا أبو الحسن بن أبان ، ثنا عبد الله بن محمد بن سفيان ، حدثني محمد بن الحسين ، ثنا يحيى بن عيسى بن ضرار السعدي ، حدثني هلال بن دارم بن قيس الدارمي ، قال : كان خليفة العبدي جارا لنا فكان يقوم إذا هدأت [ ص: 304 ] العيون فيقول : اللهم إليك قمت أبتغي ما عندك من الخيرات ، ثم يعمد إلى محرابه فلا يزال يصلي حتى يطلع الفجر ، قال : وحدثتني عجوز كانت تكون معه في الدار ، قالت : كنت أسمعه يدعو في السجود يقول : اللهم هب لي إنابة إخبات ، وإخبات منيب ، وزيني في خلقك بطاعتك ، وحسني لديك بحسن خدمتك ، وأكرمني إذا وفد إليك المتقون ، فأنت خير مقصود وخير معبود ، وخير محمود ، وخير مشكور .

              حدثنا أبي ، ثنا أحمد بن محمد بن عمر ، ثنا أبو بكر بن عبيد ، قال : حدثني محمد بن الحسين ، ثنا يحيى بن عيسى بن ضرار ، حدثني هلال بن دارم ، قال : وحدثتني عجوز ، تكون معه - يعني خليفة - في الدار قالت : فكنت أسمعه إذا دعا في السحر يقول : قام البطلون وقمت معهم ، قمنا إليك ونحن متعرضون لجودك فكم من ذي جرم عظيم قد صفحت له عن جرمه ، وكم من ذي كرب عظيم قد فرجت له عن كربه ، وكم من ذي ضر كثير قد كشفت له عن ضره ، فبعزتك ما دعانا إلى مسألتك بعدما انطوينا عليه من معصيتك إلا الذي عرفنا من جودك وكرمك ، فأنت المؤمل لكل خير ، والمرجو عند كل نائبة .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية