الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        [ ص: 41 ] 3101 - وذكروا في ذلك ما حدثنا ربيع المؤذن ، قال : ثنا أسد ، قال : ثنا ابن لهيعة ، قال : ثنا أبو الزبير ، عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الخرص ، وقال : أرأيتم إن هلك الثمر أيحب أحدكم أن يأكل مال أخيه بالباطل .

                                                        فهذا وجه هذا الباب من طريق الآثار .

                                                        وأما وجهه من طريق النظر ، فإنا قد رأينا الزكاة تجب في أشياء مختلفة ، منها : الذهب ، والفضة ، والثمار التي تخرجها الأرض ، والنخل ، والشجر ، والمواشي السائمة .

                                                        فكل قد أجمع أن رجلا لو وجبت عليه على ماله وهو ذهب أو فضة ، أو ماشية سائمة ، فسلم ذلك له المصدق ، على ما لا يجوز عليه البياعات ، أن ذلك غير جائز له .

                                                        ألا ترى أن رجلا لو وجبت عليه في دراهمه الزكاة ، فباع ذلك منه المصدق بذهب نسيئة ، أن ذلك لا يجوز .

                                                        وكذلك لو باعه منه بذهب ، ثم فارقه قبل أن يقبضه ، لم يجز ذلك .

                                                        وكذلك لو وجبت عليه في ماشيته الزكاة ، ثم سلم ذلك له المصدق ، ببدل مجهول ، أو ببدل معلوم إلى أجل مجهول ، فذلك كله حرام غير جائز .

                                                        فكان كل ما حرم في البياعات في بيع الناس ذلك ، بعضهم من بعض ، قد دخل فيه حكم المصدق في بيعه إياه من رب المال الذي فيه الزكاة ، التي يتولى المصدق أخذها منه .

                                                        فلما كان ما ذكرنا كذلك في الأموال التي وصفنا ، كان النظر على ذلك أيضا أن يكون كذلك حكم الثمار .

                                                        فكما لا يجوز بيع رطب بتمر نسيئة ، في غير ما فيه الصدقات ، فكذلك لا يجوز فيما فيه الصدقات ، فيما بين المصدق ، وبين رب المال .

                                                        فهذا هو النظر أيضا في هذا الباب ، وقد عاد ذلك أيضا إلى ما صرفنا إليه الآثار المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم التي قدمنا ذكرها .

                                                        فبذلك نأخذ ، وهو قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد رحمهم الله تعالى .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية