الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          1001 حدثنا محمود بن غيلان حدثنا أبو داود أنبأنا شعبة والمسعودي عن علقمة بن مرثد عن أبي الربيع عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع في أمتي من أمر الجاهلية لن يدعهن الناس النياحة والطعن في الأحساب والعدوى أجرب بعير فأجرب مائة بعير من أجرب البعير الأول والأنواء مطرنا بنوء كذا وكذا قال أبو عيسى هذا حديث حسن

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( أربع في أمتي ) أي : خصال أربع كائنة في أمتي ( من أمر الجاهلية ) أي : حال كونهن من أمور الجاهلية وخصالها ( لن يدعهن ) بفتح الدال أي : لن يتركهن ( النياحة ) هي قول واويلاه ، واحسرتاه ، والندبة عد شمائل الميت مثل واشجاعاه ، واأسداه ، واجبلاه قاله القاري ( والطعن في الأحساب ) جمع الحسب ، وما يعده الرجل من الخصال التي تكون فيه كالشجاعة والفصاحة ، وغير ذلك ، وقيل الحسب : ما يعده الإنسان من مفاخر آبائه ، قال ابن السكيت : الحسب والكرم يكونان في الرجل ، وإن لم يكن لآبائه شرف ، والشرف ، والمجد لا يكونان إلا بالآباء ( والعدوى ) بفتح العين المهملة ، وسكون الدال المهملة ، قال الجزري في النهاية : هو اسم من الإعداء كالرعوى ، والبقوى من الإرعاء ، والإبقاء ، يقال : أعداه الداء يعديه إعداء ، وهو أن يصيبه مثل ما بصاحب الداء ، وذلك أن يكون ببعير جرب مثلا فتنتفي مخالطته بإبل أخرى ؛ حذرا أن يتعدى ما به من الجرب إليها فيصيبها ما أصابه ، وقد أبطله الإسلام ؛ لأنهم كانوا يظنون أن المرض بنفسه يتعدى ، فأعلمهم النبي صلى الله عليه وسلم أنه ليس الأمر كذلك ، وإنما الله هو الذي يمرض وينزل الداء ( أجرب بعير ) أي : صار ذا جرب ( من أجرب البعير الأول ) هذا رد عليهم أي : من أين صار فيهم الجرب ( والأنواء مطرنا بنوء ، كذا [ ص: 71 ] وكذا ) الأنواء : جمع نوء ، قال النووي في شرح مسلم نقلا عن الشيخ أبي عمرو ابن الصلاح : النوء في أصله ليس هو نفس الكوكب فإنه مصدر ناء النجم ينوء نوءا أي : سقط وغاب ، وقيل نهض وطلع ، وبيان ذلك أن ثمانية وعشرين نجما معروفة المطالع في أزمنة السنة كلها ، وهي المعروفة بمنازل القمر الثمانية والعشرين يسقط في كل ثلاث عشرة ليلة منها نجم في المغرب مع طلوع الفجر ، ويطلع آخر يقابله في المشرق من ساعته ، فكان أهل الجاهلية إذا كان عند ذلك مطر ينسبونه إلى الساقط الغارب منهما ، وقال الأصمعي إلى الطالع منهما ، قال أبو عبيد : ولم أسمع أن النوء السقوط إلا في هذا الموضع ، ثم إن النجم نفسه قد يسمى نوءا تسمية للفاعل بالمصدر ، قال أبو إسحاق الزجاج في أماليه : الساقطة في المغرب هي الأنواء ، والطالعة في المشرق هي البوارج . انتهى كلام النووي .




                                                                                                          الخدمات العلمية