nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=49nindex.php?page=treesubj&link=29000بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون
بل إبطال لما اقتضاه الفرض من قوله : " إذن لارتاب المبطلون " ، أي بل القرآن لا ريب يتطرقه في أنه من عند الله ، فهو كله آيات دالة على صدق
[ ص: 12 ] الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأنه من عند الله ؛ لما اشتمل عليه من الإعجاز في لفظه ومعناه ، ولما أيد ذلك الإعجاز من كون الآتي به أميا لم يكن يتلو من قبله كتابا ولا يخط ، أي بل القرآن آيات ليست مما كان يتلى قبل نزوله ، بل هو آيات في صدر النبيء - صلى الله عليه وسلم - .
فالمراد من صدور الذين أوتوا العلم صدر النبيء - صلى الله عليه وسلم - عبر عنه بالجمع تعظيما له .
والعلم الذي أوتيه النبيء - صلى الله عليه وسلم - هو النبوة ، كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=15ولقد آتينا داود وسليمان علما ومعنى الآية أن كونه في صدر النبيء - صلى الله عليه وسلم - هو شأن كل ما ينزل من القرآن حين نزوله ، فإذا أنزل فإنه يجوز أن يخطه الكاتبون ، وقد كان النبيء - صلى الله عليه وسلم - اتخذ كتابا للوحي ، فكانوا ربما كتبوا الآية في حين نزولها كما دل عليه حديث زيد بن ثابت في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=95لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر ، وكذلك يكون بعد نزوله متلوا ، فالمنفي هو أن يكون متلوا قبل نزوله . هذا الذي يقتضيه سياق الإضراب عن أن يكون النبيء - صلى الله عليه وسلم - يتلو كتابا قبل هذا القرآن ، بحيث يظن أن ما جاء به من القرآن مما كان يتلوه من قبل ، فلما انتفى ذلك ناسب أن يكشف عن حال تلقي القرآن ، فذلك هو موقع قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=49في صدور الذين أوتوا العلم كما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=193نزل به الروح الأمين على قلبك وقال
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=32كذلك لنثبت به فؤادك .
وأما الإخبار بأنه آيات بينات فذلك تمهيد للغرض وإكمال لمقتضاه ؛ ولهذا فالوجه أن يكون الجار والمجرور في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=49في صدور الذين أوتوا العلم خبرا ثانيا عن الضمير . ويلتئم التقدير هكذا : وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك بل هو ألقي في صدرك وهو آيات بينات .
ويجوز أن يكون المراد بـ صدور الذين أوتوا العلم صدور أصحاب النبيء - صلى الله عليه وسلم - وحفاظ المسلمين ، وهذا يقتضي أن يكون قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=49في صدور الذين أوتوا العلم تتميما للثناء على القرآن ، وأن الغرض هو الإخبار عن القرآن بأنه آيات بينات ، فيكون المجرور صفة لـ آيات ، والإبطال مقتصر على قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=49بل هو آيات بينات .
[ ص: 13 ] وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=49وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون تذييل يؤذن بأن
nindex.php?page=treesubj&link=30549_28741المشركين جحدوا آيات القرآن على ما هي عليه من وضوح الدلالة على أنها من عند الله ؛ لأنهم ظالمون لا إنصاف لهم ، وشأن الظالمين جحد الحق ، يحملهم على جحده هوى نفوسهم للظلم ، كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=14وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فهم متوغلون في الظلم كما تقدم في وصفهم بالكافرين والمبطلين .
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=49nindex.php?page=treesubj&link=29000بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ
بَلْ إِبْطَالٌ لِمَا اقْتَضَاهُ الْفَرْضُ مِنْ قَوْلِهِ : " إِذَنْ لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ " ، أَيْ بَلِ الْقُرْآنُ لَا رَيْبَ يَتَطَرَّقُهُ فِي أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ، فَهُوَ كُلُّهُ آيَاتٌ دَالَّةٌ عَلَى صِدْقِ
[ ص: 12 ] الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ؛ لِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِعْجَازِ فِي لَفْظِهِ وَمَعْنَاهُ ، وَلِمَا أَيَّدَ ذَلِكَ الْإِعْجَازَ مِنْ كَوْنِ الْآتِي بِهِ أُمِّيًّا لَمْ يَكُنْ يَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ كِتَابًا وَلَا يَخُطُّ ، أَيْ بَلِ الْقُرْآنُ آيَاتٌ لَيْسَتْ مِمَّا كَانَ يُتْلَى قَبْلَ نُزُولِهِ ، بَلْ هُوَ آيَاتٌ فِي صَدْرِ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .
فَالْمُرَادُ مِنْ صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ صَدْرَ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عُبِّرَ عَنْهُ بِالْجَمْعِ تَعْظِيمًا لَهُ .
وَالْعِلْمُ الَّذِي أُوتِيَهُ النَّبِيءَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ النُّبُوَّةُ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=15وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَمَعْنَى الْآيَةِ أَنَّ كَوْنَهُ فِي صَدْرِ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ شَأْنُ كُلِّ مَا يُنَزَّلُ مِنَ الْقُرْآنِ حِينَ نُزُولِهِ ، فَإِذَا أُنْزِلَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَخُطَّهُ الْكَاتِبُونَ ، وَقَدْ كَانَ النَّبِيءُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اتَّخَذَ كِتَابًا لِلْوَحْيِ ، فَكَانُوا رُبَّمَا كَتَبُوا الْآيَةَ فِي حِينِ نُزُولِهَا كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=95لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ ، وَكَذَلِكَ يَكُونُ بَعْدَ نُزُولِهِ مَتْلُوًّا ، فَالْمَنْفِيُّ هُوَ أَنْ يَكُونَ مَتْلُوًّا قَبْلَ نُزُولِهِ . هَذَا الَّذِي يَقْتَضِيهِ سِيَاقُ الْإِضْرَابِ عَنْ أَنْ يَكُونَ النَّبِيءُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتْلُو كِتَابًا قَبْلَ هَذَا الْقُرْآنِ ، بِحَيْثُ يُظَنُّ أَنَّ مَا جَاءَ بِهِ مِنَ الْقُرْآنِ مِمَّا كَانَ يَتْلُوهُ مِنْ قَبْلُ ، فَلَمَّا انْتَفَى ذَلِكَ نَاسَبَ أَنْ يَكْشِفَ عَنْ حَالِ تَلَقِّي الْقُرْآنِ ، فَذَلِكَ هُوَ مَوْقِعُ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=49فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ كَمَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=193نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ وَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=32كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ .
وَأَمَّا الْإِخْبَارُ بِأَنَّهُ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فَذَلِكَ تَمْهِيدٌ لِلْغَرَضِ وَإِكْمَالٌ لِمُقْتَضَاهُ ؛ وَلِهَذَا فَالْوَجْهُ أَنْ يَكُونَ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=49فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ خَبَرًا ثَانِيًا عَنِ الضَّمِيرِ . وَيَلْتَئِمُ التَّقْدِيرُ هَكَذَا : وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ بَلْ هُوَ أُلْقِيَ فِي صَدْرِكَ وَهُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ .
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِـ صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ صُدُورَ أَصْحَابِ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحُفَّاظِ الْمُسْلِمِينَ ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=49فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ تَتْمِيمًا لِلثَّنَاءِ عَلَى الْقُرْآنِ ، وَأَنَّ الْغَرَضَ هُوَ الْإِخْبَارُ عَنِ الْقُرْآنِ بِأَنَّهُ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ ، فَيَكُونُ الْمَجْرُورُ صِفَةً لِـ آيَاتٌ ، وَالْإِبْطَالُ مُقْتَصِرٌ عَلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=49بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ .
[ ص: 13 ] وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=49وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ تَذْيِيلٌ يُؤْذِنُ بِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30549_28741الْمُشْرِكِينَ جَحَدُوا آيَاتِ الْقُرْآنِ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ مِنْ وُضُوحِ الدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّهَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ؛ لِأَنَّهُمْ ظَالِمُونَ لَا إِنْصَافَ لَهُمْ ، وَشَأْنُ الظَّالِمِينَ جَحْدُ الْحَقِّ ، يَحْمِلُهُمْ عَلَى جَحْدِهِ هَوَى نُفُوسِهِمْ لِلظُّلْمِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=14وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَهُمْ مُتَوَغِّلُونَ فِي الظُّلْمِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي وَصْفِهِمْ بِالْكَافِرِينَ وَالْمُبْطِلِينَ .