الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقطعناهم أي: فرقنا بني إسرائيل، أو صيرناهم في الأرض ، وجعلنا كل فرقة منهم في قطر من أقطارها بحيث لا يكاد يخلو قطر منهم تكملة لأدبارهم حتى لا يكون لهم شوكة، وهذا من مغيبات القرآن؛ كالذي تضمنته الآية قبل، وقوله سبحانه: أمما إما مفعول ثان لقطعنا وإما حال من مفعوله. منهم الصالحون وهم كما قال الطبري: من آمن بالله تعالى ورسوله وثبت على دينه قبل بعث عيسى عليه الصلاة والسلام. وقيل: هم الذين أدركوا النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وآمنوا به ونسب ذلك إلى ابن عباس ومجاهد، وقيل: هم الذين وراء الصين، وهو عندي وراء الصين، والجار متعلق بمحذوف خبر مقدم، والصالحون مبتدأ، وجوز أن يكون فاعلا للظرف، والجملة في موضع النصب صفة لأمم على الاحتمالين، وجوز أن تكون في موضع الحال وهي بدل من أمم على الاحتمال الثاني، وأن تكون صفة موصوف مقدر هو البدل على الأول، أي: قوما منهم الصالحون ومنهم دون ذلك أي: منحطون عن أولئك الصالحين غير بالغين منزلتهم في الصلاح وهم الذين امتثلوا بعض الأوامر وخالفوا بعضا مع كونهم مؤمنين، وقيل: هم الكفرة منهم بناء على أن المراد بالصلاح الإيمان، وقيل: المراد بهم ما يشمل الكفرة والفسقة، والجار متعلق بمحذوف خبر مقدم، و (دون) على ما ذكره الطبرسي مبتدأ إلا أنه بقي مفتوحا لتمكنه في الظرفية مع إضافته إلى المبني، ومثله على قول أبي الحسن (بينكم) في قوله سبحانه: لقد تقطع بينكم أو المبتدأ محذوف والظرف صفته؛ أي: ومنهم أناس أو فرقة دون ذلك، ومن المشهور عند النحاة أن الموصوف بظرف أو جملة يطرد حذفه إذا كان بعض اسم مجرور بمن أو في مقدم عليه كما في: منا أقام ومنا ظعن، ومحط الفائدة الانقسام إلى أن هؤلاء منقسمون إلى قسمين، ومن الناس من تكلف في مثل هذا التركيب لجعل الظرف الأول صفة مبتدأ محذوف، وجعل الظرف الثاني خبرا لما ظنه داعيا لذلك، وليس بشيء، والإشارة للصالحين، وقد ذكروا أن اسم الإشارة المفرد قد يستعمل للمثنى والمجموع، وقد مرت الإشارة إليه، وقيل: أشير به إلى الصلاح كما يقتضيه ظاهر الأفراد ويقدر حينئذ مضاف وهو أهل مثلا. وبلوناهم بالحسنات الخصب والعافية، والسيئات الجدب والشدة. لعلهم يرجعون أي: يتوبون عما كانوا عليه مما نهوا عنه.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية