الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلا قليل

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 472 ] قوله عز وجل: حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور فيه ستة أوجه: أحدها: وجه الأرض ، والعرب تسمي وجه الأرض تنورا ، قاله ابن عباس وقيل لنوح عليه السلام: إذا رأيت الماء على وجه الأرض فاركب أنت ومن معك.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أن التنور العين التي بالجزيرة (عين وردة) ، رواه عكرمة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: أنه مسجد بالكوفة من قبل أبواب كندة ، قاله علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع: أن التنور ما زاد على وجه الأرض فأشرف منها ، قاله قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        الخامس: أنه التنور الذي يخبز فيه ، قيل له: إذا رأيت الماء يفور منه فاركب أنت ومن معك ، قاله مجاهد . قال الحسن : كان تنورا من حجارة وكان لحواء ثم صار لنوح ، وقال مقاتل : فار من أقصى دار نوح بعين وردة من أرض الشام ، قال أمية بن الصلت:


                                                                                                                                                                                                                                        فار تنورهم وجاش بماء صار فوق الجبال حتى علاها



                                                                                                                                                                                                                                        السادس: أن التنور هو تنوير الصبح ، من قولهم: نور الصبح تنويرا ، وهو مروي عن علي رضي الله عنه. قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين يعني من الآدميين والبهائم ذكرا وأنثى. وأهلك أي احمل أهلك. إلا من سبق عليه القول من الله تعالى أنه يهلكهم وهو ابنه كنعان وامرأته كانا كافرين: قاله الضحاك وابن جريج . ومن آمن أي احمل من آمن. وما آمن معه إلا قليل واختلف في عددهم على ثلاثة أقاويل: أحدها: ثمانون رجلا منهم جرهم ، قاله ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: ثمانين ، قاله ابن جريج .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: سبعة ، قاله الأعمش ومطر ، وكان فيهم ثلاثة بنين: سام وحام [ ص: 473 ] ويافث ، وثلاث بنات له ونوح معهم فصاروا سبعة. وعلى القول الثاني: كانت فيهم امرأة نوح فصاروا ثمانية. قال محمد بن عباد بن جعفر: فأصاب حام امرأته في السفينة ، فدعا نوح أن يغير الله نطفته فجاء السودان.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية