الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال أبو عبد الله : وأما ما احتجوا به مما روي عن بعض الصحابة ، والتابعين أنه ينزع منه الإيمان ، ويتنحى عنه الإيمان ، أي الإيمان الذي هو عمل بالقلب ، والبدن زيادة على التصديق ، والإقرار ، بل غير جائز أن يكونوا أرادوا الإيمان بأسره ، لأن في ذلك إبطال الأحكام ، وحدوده عنهم على ما بينا ، ولو زال عنهم الإيمان بأسره لوجب استتابتهم ، أو القتل لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " من بدل دينه فاقتلوه " ، ومن ترك الإيمان [ ص: 574 ] بأسره فقد بدل دينه ، وذلك يوجب مخالفة الكتاب ، والخروج من قول العلماء ، فمعناهم عندنا في هذا القول موافق لقول ابن عباس : ينزع منه نور الإيمان إلا أنه حين يزني ، ويسرق ، ويشرب الخمر ، فلن يفعل ذلك إلا من قلة خوفه من الله ، ولو كان لله مطيعا مجلا ، ولعقابه معظما لخاف الله أن يركب معاصيه ، أو يأتي ما يوجب غضبه ، فإذا أتى ذلك كان تاركا للخوف ، والورع اللذين هما من الإيمان ، فجائز أن يكونوا عنوا به منه هذا الإيمان الذي هو زيادة على الإقرار ، ولا جائز أن يظن بهم غير ذلك ، ومن نسبهم إلى غير ذلك ، فقد نسبهم إلى أنهم خالفوا أحكام الله في كتابه ، وخرجوا من قول جميع العلماء .

وأما ما روي عن الحسن ، وابن سيرين أنهما كانا يقولان : مسلم ، ويهابان مؤمن ، فإن هذا حديث لم يروه عن حماد بن زيد غير المؤمل ، وإذا انفرد بحديث وجب أن توقف ، ويتثبت فيه ، لأنه كان سيئ الحفظ ، كثير الغلط .

التالي السابق


الخدمات العلمية