الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وأما قول بعضهم : إن الإيمان يزيد ، فهذا دعوى ادعوها ليثبتوا بها عند الأمة أنهم مقرون بقول الله عز وجل : ( زادتهم إيمانا ) و ( ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم ) ، لأنهم يقولون : محال أن يكون الزيادة إلا بعد الكمال ، وأن الجزء الثاني إذا ضم إلى الأول ، فليس بزيادة إلا من جهة العدد ، لا من جهة المعنى المعروف ، لأن الإيمان معلوم ، فإذا ضم جزءا إلى جزء ، ولم يكن ذلك زيادة في الإيمان حتى يتم ، فإذا تم جارت الزيادة على الإيمان ، وهذا تناقض من القول ، لأن الشيء إذا تم ، ثم ضم إليه غيره ، لم يكن منه ، وإنما يكون منه ما كان جزءا منه ، لا أن يضم إليه جزء من غيره ، فإذا كانوا قد أتوا بالإيمان كاملا ، ثم ازدادوا معرفة فيما ادعوا ، ثم زعموا أنها زيادة في الإيمان ، فكيف زاد فيما هو كامل ليس من جنسه ما لم يسم به .

وقد زعموا أن المعرفة هي إيمان مع الإقرار ، فقد جاؤوا بالمعرفة ، والإقرار ، وذلك هو الإيمان الكامل عندهم ، فكيف جاء بمعرفة ، وقد كملت المعرفة ، ولم تبق منها شيء . يأتي بها العارف ، لأن الإيمان معلوم عند الله ، [ ص: 751 ] وعندهم ، فإذا كمل المعلوم ، ثم جيء بثان بعده ، لم يكن من الإيمان المعلوم إلا أن يزعموا أن الإيمان فرض ، ونافلة ، والنافلة تركها مباح ، وفعلها قربة إلى الله عز وجل ، والكفر ضد الإيمان ، فإن كان الإيمان منه مفترض ، ومنه نافلة فضدهما جميعا الكفر ، فكما كان ترك الإيمان الذي هو فرض بعد ما يترك الإيمان الذي هو نافلة مباح ، فترك الإيمان الذي هو الكفر عندهم ، فكفر بالله مباح ، وكفر محرم ، وهذا لا يقول به إلا مختلط .

التالي السابق


الخدمات العلمية