الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال أبو عبد الله : وقد قال الله عز وجل : ( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون ) .

وقد أجمع المختلفون لو أن مؤمنا ذكر الله عنده ، وهو مشغول ببعض الحلال ، فلم يوجل قلبه ما كان تاركا فرضا ، ولو تليت عليه آيات من القرآن ، فلم يتحرك قلبه ، لشغله بما هو فيه لم يترك فرضا ، وقد سمى الله عز وجل من وجل قلبه عند ذكره وازداد إيمانا بتحرك قلب عند تلاوة آيات الله ، مزدادا من الإيمان ، ثم ختم ذلك بأن جعل له حقيقة الإيمان بعد ما وصفه بما قد أجمعوا أنه لو تركه لم يكن عاصيا من الوجل ، فذلك أن ذلك إيمان [ ص: 810 ] نفل ، لا فرض ، وكذلك إماطة الأذى عن الطريق ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : " الإيمان بضع وسبعون شعبة ، أفضلها لا إله إلا الله ، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق " .

فهذه دعوى خصوص دون العموم ، وقد عم النبي صلى الله عليه وسلم كل أذى ، وإماطته إيمان ، حتى تأتي سنة ثابتة تخص شيئا دون شيء ، بل ظاهر اللغة ، والمتعارف في الكلام أنه إنما يماط عن الطريق ما كان فيه ملقي ، ولا تمتنع الأمة أن تقول لمن نحى شوكة عن طريق المسلمين : قد أماط أذى عن الطريق .

ومما يدل على ذلك الحديث الذي روى أن رجلا وجد غصن شوك على الطريق ، فأخره ، فغفر له .

التالي السابق


الخدمات العلمية