الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( خبث ) فيه : إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل خبثا الخبث بفتحتين : النجس .

                                                          ومنه الحديث أنه نهى عن كل دواء خبيث هو من جهتين : إحداهما النجاسة وهو الحرام كالخمر والأرواث والأبوال ، كلها نجسة خبيثة ، وتناولها حرام إلا ما خصته السنة من [ ص: 5 ] أبوال الإبل عند بعضهم . وروث ما يؤكل لحمه عند آخرين . والجهة الأخرى من طريق الطعم والمذاق ; ولا ينكر أن يكون كره ذلك لما فيه من المشقة على الطباع وكراهية النفوس لها .

                                                          ( هـ ) ومنه الحديث من أكل من هذه الشجرة الخبيثة فلا يقربن مسجدنا يريد الثوم والبصل والكراث ، خبثها من جهة كراهة طعمها وريحها ; لأنها طاهرة وليس أكلها من الأعذار المذكورة في الانقطاع عن المساجد ، وإنما أمرهم بالاعتزال عقوبة ونكالا ; لأنه كان يتأذى بريحها .

                                                          ومنه الحديث مهر البغي خبيث ، وثمن الكلب خبيث ، وكسب الحجام خبيث قال الخطابي : قد يجمع الكلام بين القرائن في اللفظ ويفرق بينها في المعنى ، ويعرف ذلك من الأغراض والمقاصد . فأما مهر البغي وثمن الكلب فيريد بالخبيث فيهما الحرام لأن الكلب نجس ، والزنا حرام ، وبذل العوض عليه وأخذه حرام . وأما كسب الحجام فيريد بالخبيث فيه الكراهة ، لأن الحجامة مباحة . وقد يكون الكلام في الفصل الواحد بعضه على الوجوب ، وبعضه على الندب ، وبعضه على الحقيقة ، وبعضه على المجاز ، ويفرق بينها بدلائل الأصول واعتبار معانيها .

                                                          وفي حديث هرقل أصبح يوما وهو خبيث النفس أي ثقيلها كريه الحال .

                                                          ومنه الحديث لا يقولن أحدكم خبثت نفسي أي ثقلت وغثت ، كأنه كره اسم الخبث .

                                                          ( هـ ) وفيه لا يصلين الرجل وهو يدافع الأخبثين هما الغائط والبول .

                                                          وفيه كما ينفي الكير الخبث وهو ما تلقيه النار من وسخ الفضة والنحاس وغيرهما إذا أذيبا . وقد تكرر في الحديث .

                                                          ( هـ ) وفيه إنه كتب للعداء بن خالد - اشترى منه عبدا أو أمة - لا داء ولا خبثة ، ولا غائلة أراد بالخبثة الحرام ، كما عبر عن الحلال بالطيب . والخبثة : نوع من أنواع الخبيث ، أراد أنه عبد رقيق ، لا أنه من قوم لا يحل سبيهم ، كمن أعطي عهدا أو أمانا ، أو من هو حر في الأصل .

                                                          [ ص: 6 ] ومنه حديث الحجاج أنه قال لأنس رضي الله عنه : يا خبثة يريد يا خبيث . ويقال للأخلاق الخبيثة خبثة .

                                                          وفي حديث سعيد كذب مخبثان المخبثان : الخبيث . ويقال للرجل والمرأة جميعا ، وكأنه يدل على المبالغة .

                                                          وفي حديث الحسن يخاطب الدنيا : خباث ، كل عيدانك مضضنا فوجدنا عاقبته مرا خباث بوزن قطام معدول من الخبث ، وحرف النداء محذوف : أي يا خباث . والمض مثل المص : يريد إنا جربناك وخبرناك فوجدنا عاقبتك مرة .

                                                          ( هـ ) وفيه أعوذ بك من الخبث والخبائث بضم الباء جمع الخبيث ، والخبائث جمع الخبيثة ، يريد ذكور الشياطين وإناثهم . وقيل هو الخبث بسكون الباء ، وهو خلاف طيب الفعل من فجور وغيره . والخبائث يريد بها الأفعال المذمومة والخصال الرديئة .

                                                          ( هـ ) وفيه أعوذ بك من الرجس النجس الخبيث المخبث الخبيث ذو الخبث في نفسه ، والمخبث الذي أعوانه خبثاء ، كما يقال للذي فرسه ضعيف مضعف . وقيل : هو الذي يعلمهم الخبث ويوقعهم فيه .

                                                          ومنه حديث قتلى بدر فألقوا في قليب مخبث ; أي : فاسد مفسد لما يقع فيه .

                                                          ( هـ ) وفيه إذا كثر الخبث كان كذا وكذا أراد الفسق والفجور .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث سعد بن عبادة " أنه أتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل مخدج سقيم وجد مع أمة يخبث بها " أي يزني .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية