الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          ومن أخرج شيئا يتصدق به أو وكل في ذلك ثم بدا له استحب أن يمضيه ، ولا يجب ، وسبق في إخراج الزكاة قبل تعجيلها ، نقل محمد بن داود أن أبا عبد الله سئل عن رجل بعث دراهم إلى رجل يتصدق بها عليه فلم يجده الرسول فبدا للمرسل أن يمسكها ، قال : ما أحسنه أن يمضيه [ وكذا نقل الأثرم : ما أحسنه أن يمضيه ] وقال ابن منصور لأبي عبد الله : سئل سفيان عن رجل دفع إلى رجل ما لا يتصدق به فمات المعطي . قال : ميراث قال أحمد : أقول : إنه ليس بميراث إذا كان من الزكاة أو شيء أخرجه للحج ، وإن كان غير ذلك فهو ميراث . قاله إسحاق كما قال أحمد ، [ ص: 653 ] وكذا نقل صالح عن أبيه ، ولم يرد أحمد رحمه الله أن الوكيل يخرجه ، بل يتعين ما عينه الميت ، أو يكون على ظاهره ويكون رواية بالتفرقة ، وعن أحمد رحمه الله رواية أخرى ، قال حبيش : إن أبا عبد الله قيل له : رجل دفع إلى رجل دراهم فقال له تصدق بهذه الدراهم ، ثم إن الدافع جاء إلى صاحبه فقال له : رد علي هذه الدراهم ، ما يصنع المدفوع إليه ؟ فقال : لا يردها عليه ، يمضيها فيما أمره به ، ونقل جعفر أن أبا عبد الله سئل عن رجل أخرج صدقة من ماله ، فأمر بها أن توضع في أهل السكة ، أله أن يرجع ؟ قال : مضى ، فراجعه صاحب المسألة فأبى أن يرخص في ذلك .

                                                                                                          وترجم الخلال : الرجل يخرج الصدقة فلا يردها إلى ماله بعد أن سماها صدقة ، فإن كان مراده أنه تكلم بأنه صدقة فالروايتان ، وكان وجهه أنه هل يتعين بذلك كالنذر أم لا ؟ وإن لم يتكلم فقد نوى خيرا فيستحب أن يمضيه ، وقد صح عن عمرو بن العاص أنه كان يقول : إذا أخرج الطعام للسائل فوجده قد ذهب عزله حتى يجيء سائل آخر ، وصح هذا عن الحسن ، ورواه ليث عن طاوس ، وصح عن حميد وبكر بن عبد الله المزني قالا : لا يعطيه سائلا آخر ، روى ذلك الأثرم ، ويأتي إن شاء الله تعالى إذا مات الواهب أو الموهوب قبل القبض . ومن سأل فأعطى فقبضه فسخطه لم يعط لغيره ، في ظاهر كلام العلماء رضي الله عنهم ، وعن علي بن الحسين أنه كان يفعله ، رواه الخلال ، وفيه جابر الجعفي [ ص: 654 ] ضعيف ، فإن صح فيحتمل أنه فعله عقوبة ، ويحتمل أن سخطه دليل على أنه لا يختار تملكه ، فيتوجه مثله على أصلنا ، كبيع التلجئة ، ويتوجه في الأظهر أن أخذ صدقة التطوع أولى من الزكاة ، وأن أخذها سرا أولى ، وفيهما قولان للعلماء أظن علماء الصوفية

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          الخدمات العلمية