الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (25) قوله تعالى: وبشر الذين آمنوا : هذه الجملة معطوفة على ما قبلها، عطف جملة ثواب المؤمنين على جملة عقاب الكافرين، وجاز ذلك لأن مذهب سيبويه - وهو الصحيح - أنه لا يشترط في عطف الجمل التوافق معنى، بل تعطف الطلبية على الخبرية وبالعكس، بدليل قوله:

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 209 ]

                                                                                                                                                                                                                                      285 - تناغي غزالا عند باب ابن عامر وكحل أماقيك الحسان بإثمد



                                                                                                                                                                                                                                      وقول امرئ القيس:


                                                                                                                                                                                                                                      286 - وإن شفائي عبرة مهراقة     وهل عند رسم دارس من معول



                                                                                                                                                                                                                                      وأجاز الزمخشري وأبو البقاء أن يكون عطفا على "فاتقوا" ليعطف أمرا على أمر، وهذا قد رده الشيخ بأن "فاتقوا" جواب الشرط، فالمعطوف يكون جوابا لأن حكمه حكمه، ولكنه لا يصح لأن تبشيره للمؤمنين لا يترتب على قوله: فإن لم تفعلوا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرئ: "وبشر" ماضيا مبنيا للمفعول، وقال الزمخشري: "وهو عطف على أعدت".

                                                                                                                                                                                                                                      قيل: "وهذا لا يتأتى على إعراب "أعدت" حالا لأنها لا تصلح للحالية".

                                                                                                                                                                                                                                      والبشارة: أول خبر من خير أو شر، قالوا: لأن أثرها يظهر في البشرة وهي ظاهر جلد الإنسان، وأنشدوا:


                                                                                                                                                                                                                                      287 - يبشرني الغراب ببين أهلي     فقلت له: ثكلتك من بشير



                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 210 ] وقال آخر:


                                                                                                                                                                                                                                      288 - وبشرتني يا سعد أن أحبتي     جفوني وأن الود موعده الحشر



                                                                                                                                                                                                                                      وهذا رأي سيبويه ، إلا أن الأكثر استعمالها في الخير، وإن استعملت في الشر فبقيد، كقوله تعالى: فبشرهم بعذاب وإن أطلقت كانت للخير، وظاهر كلام الزمخشري أنها تختص بالخير؛ لأنه تأول مثل: فبشرهم بعذاب على العكس في الكلام الذي يقصد به الزيادة في غيظ المستهزأ به وتألمه.

                                                                                                                                                                                                                                      والفعل منها: بشر وبشر مخففا ومثقلا، كقوله: "بشرت عيالي" البيت، والتثقيل للتكثير بالنسبة إلى المبشر به.

                                                                                                                                                                                                                                      وقد قرئ المضارع مخففا ومشددا، وأما الماضي فلم يقرأ به إلا مثقلا، نحو: فبشرناها بإسحاق وفيه لغة أخرى: أبشر مثل أكرم، وأنكر أبو حاتم التخفيف، وليس بصواب لمجيء مضارعه.

                                                                                                                                                                                                                                      وبمعنى البشارة: البشور والتبشير والإبشار، وإن اختلفت أفعالها، والبشارة - أيضا - الجمال، والبشير: الجميل، وتباشير الفجر أوائله.

                                                                                                                                                                                                                                      [وقرأ زيد بن علي رضي الله عنهما "وبشر ": ماضيا مبنيا للمفعول [ ص: 211 ] قال الزمخشري : "عطفا على" أعدت" انتهى، وهو غلط لأن المعطوف عليه [من] الصلة، ولا راجع على الموصول من هذه الجملة فلا يصح أن يكون عطفا على أعدت] .

                                                                                                                                                                                                                                      وفاعل "بشر": إما ضمير الرسول عليه السلام، وهو الواضح، وإما كل من تصح منه البشارة.

                                                                                                                                                                                                                                      وكون صلة "الذين" فعلا ماضيا دون كونه اسم فاعل دليل على أن يستحق التبشير بفضل الله من وقع منه الإيمان وتحقق به وبالأعمال الصالحة.

                                                                                                                                                                                                                                      والصالحات جمع صالحة، وهي من الصفات التي جرت مجرى الأسماء في إيلائها العوامل، قال:


                                                                                                                                                                                                                                      289 - كيف الهجاء وما تنفك صالحة     من آل لأم بظهر الغيب تأتيني



                                                                                                                                                                                                                                      وعلامة نصبه الكسرة؛ لأنه من باب جمع المؤنث السالم نيابة عن الفتحة التي هي أصل النصب.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: أن لهم جنات جنات اسم (أن)، و"لهم" خبر مقدم، ولا يجوز تقديم خبر "أن" وأخواتها إلا ظرفا أو حرف جر، وأن وما في حيزها في محل جر عند الخليل والكسائي، ونصب عند سيبويه والفراء؛ لأن الأصل: وبشر الذين آمنوا بأن لهم، فحذف حرف الجر مع أن، وهو حذف [ ص: 212 ] مطرد معها ومع "أن" الناصبة للمضارع، بشرط أمن اللبس، بسبب طولهما بالصلة، فلما حذف حرف الجر جرى الخلاف المذكور، فالخليل والكسائي يقولان: كأن الحرف موجود فالجر باق، واستدل الأخفش لهما بقول الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                      290 - وما زرت ليلى أن تكون حبيبة     إلي ولا دين بها أنا طالبه



                                                                                                                                                                                                                                      فعطف "دين" بالجر على محل "أن تكون" يبين كونها مجرورة، قيل: ويحتمل أن يكون من باب عطف التوهم فلا دليل فيه.

                                                                                                                                                                                                                                      والفراء وسيبويه يقولان: وجدناهم إذا حذفوا حرف الجر نصبوا، كقوله:


                                                                                                                                                                                                                                      291 - تمرون الديار ولم تعوجوا     كلامكم علي إذا حرام



                                                                                                                                                                                                                                      أي بالديار، ولا يجوز الجر إلا في نادر شعر، كقوله:


                                                                                                                                                                                                                                      292 - إذا قيل: أي الناس شر قبيلة     أشارت كليب بالأكف الأصابع



                                                                                                                                                                                                                                      أي: إلى كليب، وقول الآخر:

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 213 ]

                                                                                                                                                                                                                                      293 - . . . . . . .     حتى تبذخ فارتقى الأعلام



                                                                                                                                                                                                                                      أي: إلى الأعلام.

                                                                                                                                                                                                                                      والجنة: البستان، وقيل: الأرض ذات الشجر، سميت بذلك لسترها من فيها، ومنه: الجنين لاستتاره، والمجن: الترس، وكذلك "الجنة"؛ لأنه يستر صاحبه، والجنة لاستتارهم عن أعين الناس.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: تجري من تحتها الأنهار هذه الجملة في محل نصب لأنها صفة لجنات، و"تجري" مرفوع لتجرده من الناصب والجازم، وعلامة رفعه ضمة مقدرة في الياء استثقالا، وكذلك تقدر في كل فعل معتل نحو: يدعو ويخشى إلا أنها في الألف تقدر تعذرا.

                                                                                                                                                                                                                                      والأنهار جمع نهر بالفتح، وهي اللغة العالية، وفيه تسكين الهاء، ولكن "أفعال" لا ينقاس في فعل الساكن العين بل يحفظ، نحو: أفراخ وأزناد وأفراد.

                                                                                                                                                                                                                                      والنهر دون البحر وفوق الجدول، وهل هو مجرى الماء أو الماء الجاري نفسه؟ والأول أظهر؛ لأنه مشتق من نهرت أي: وسعت، قال قيس بن الخطيم يصف طعنة:


                                                                                                                                                                                                                                      294 - ملكت بها كفي فأنهرت فتقها      . . . . . . . . . . . . . . .



                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 214 ] أي وسعت، ومنه: النهار لاتساع ضوئه، وإنما أطلق على الماء مجازا إطلاقا للمحل على الحال.

                                                                                                                                                                                                                                      و من تحتها متعلق بتجري، و"تحت" مكان لا يتصرف، وهو نقيض "فوق"، إذا أضيفا أعربا، وإذا قطعا بنيا على الضم.

                                                                                                                                                                                                                                      و"من" لابتداء الغاية وقيل: زائدة، وقيل: بمعنى في، وهما ضعيفان.

                                                                                                                                                                                                                                      واعلم أنه إذا قيل بأن الجنة هي الأرض ذات الشجر فلا بد من حذف مضاف، أي: من تحت عذقها أو أشجارها، وإن قيل بأنها الشجر نفسه فلا حاجة إلى ذلك.

                                                                                                                                                                                                                                      وإذا قيل بأن الأنهار اسم للماء الجاري فنسبة الجري إليه حقيقة، وإن قيل بأنه اسم للأخدود الذي يجري فيه فنسبة الجري إليه مجاز كقول مهلهل:


                                                                                                                                                                                                                                      295 - نبئت أن النار بعدك أوقدت     واستب بعدك يا كليب المجلس



                                                                                                                                                                                                                                      قال الشيخ: "وقد ناقض ابن عطية كلامه هنا فإنه قال: "والأنهار: المياه في مجاريها المتطاولة الواسعة" ثم قال: "نسب الجري إلى النهر - وإنما يجري الماء وحده - توسعا وتجوزا، كما قال تعالى: واسأل القرية وكما قال: نبئت أن النار، البيت".

                                                                                                                                                                                                                                      والألف واللام في "الأنهار" للجنس، وقيل: للعهد لذكرها في سورة [ ص: 215 ] القتال.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الزمخشري : "يجوز أن تكون عوضا من الضمير كقوله: واشتعل الرأس شيبا أي: أنهارها"، بمعنى أن الأصل: واشتعل رأسي، فعوض "أل" عن ياء المتكلم، وهذا ليس مذهب البصريين ، بل قال به بعض الكوفيين ، وهو مردود بأنه لو كانت "أل" عوضا من الضمير لما جمع بينهما، وقد جمع بينهما، قال النابغة:


                                                                                                                                                                                                                                      296 - رحيب قطاب الجيب منها رفيقة     بجس الندامى بضة المتجرد



                                                                                                                                                                                                                                      [فقال: الجيب منها] ، وأما ما ورد وظاهره ذلك فيأتي تأويله في موضعه.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: كلما رزقوا منها من ثمرة تقدم الكلام في "كلما"، والعامل فيها هنا: "قالوا"، و"منها" متعلق بـ "رزقوا"، و"من" لابتداء الغاية، وكذلك "من ثمرة" لأنها بدل من قوله "منها" بدل اشتمال بإعادة العامل، [ ص: 216 ] وإنما قلنا: إنه بدل اشتمال؛ لأنه لا يتعلق حرفان بمعنى واحد بعامل واحد إلا على سبيل البدلية أو العطف، وأجاز الزمخشري أن تكون "من" للبيان، كقولك: رأيت منك أسدا، وفيه نظر؛ لأن من شرط ذلك أن يحل محلها موصول وأن يكون ما قبلها محلى بأل الجنسية، وأيضا فليس قبلها شيء يتبين بها، وكونها بيانا لما بعدها بعيد جدا، وهو غير المصطلح.

                                                                                                                                                                                                                                      و"رزقا" مفعول ثان لـ"رزقوا" وهو بمعنى "مرزوق"، وكونه مصدرا بعيد لقوله: هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابها والمصدر لا يؤتى به متشابها، وإنما يؤتى بالمرزوق كذلك.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "قالوا هذا الذي رزقنا من قبل" "قالوا" هو العامل في "كلما" كما تقدم، و هذا الذي رزقنا مبتدأ وخبر في محل نصب بالقول، وعائد الموصول محذوف لاستكماله الشروط، أي: رزقناه.

                                                                                                                                                                                                                                      و"من قبل" متعلق به.

                                                                                                                                                                                                                                      و"من" لابتداء الغاية، ولما قطعت "قبل" بنيت، وإنما بنيت على الضمة لأنها حركة لم تكن لها حال إعرابها.

                                                                                                                                                                                                                                      واختلف في هذه الجملة، فقيل: لا محل لها من الإعراب لأنها استئنافية، كأنه قيل لما وصفت الجنات: ما حالها؟ فقيل: كلما رزقوا قالوا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: لها محل، ثم اختلف فيه فقيل: رفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، واختلف في ذلك المبتدأ، فقيل: ضمير الجنات أي هي كلما، وقيل: ضمير الذين آمنوا أي: هم كلما رزقوا قالوا ذلك.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: [ ص: 217 ] محلها نصب على الحال، وصاحبها: إما (الذين آمنوا) وإما (جنات)، وجاز ذلك وإن كان نكرة لأنها تخصصت بالصفة، وعلى هذين تكون حالا مقدرة لأن وقت البشارة بالجنات لم يكونوا مرزوقين ذلك.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: محلها نصب على أنها صفة لـ(جنات) أيضا.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: وأتوا به متشابها الظاهر أنها جملة مستأنفة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الزمخشري فيها: "هو كقولك: فلان، أحسن بفلان! ونعم ما فعل، ورأى من الرأي كذا، وكان صوابا، ومنه: وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون وما أشبه ذلك من الجمل التي تساق في الكلام معترضة فلا محل لها للتقرير".

                                                                                                                                                                                                                                      قلت: يعني بكونها معترضة أي بين أحوال أهل الجنة، فإن بعدها: ولهم فيها أزواج وإذا كانت معترضة فلا محل لها أيضا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: هي عطف على "قالوا"، وقيل: محلها النصب على الحال، وصاحبها فاعل "قالوا" أي: قالوا هذا الكلام في هذه الحال، ولا بد من تقدير "قد" قبل الفعل أي: وقد أتوا، وأصل أتوا: أتيوا، مثل: ضربوا، فأعل كنظائره.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرئ: وأتوا مبنيا للفاعل، والضمير للولدان والخدم للتصريح بهم في غير موضع.

                                                                                                                                                                                                                                      والضمير في "به" يعود على المرزوق الذي هو الثمرات، كما أن "هذا" إشارة إليه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الزمخشري : "يعود إلى المرزوق في الدنيا [ ص: 218 ] والآخرة لأن قوله: هذا الذي رزقنا من قبل انطوى تحته ذكر ما رزقوه في الدارين".

                                                                                                                                                                                                                                      ونظير ذلك قوله تعالى: إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما أي: بجنسي الغني والفقير المدلول عليهما بقوله: غنيا أو فقيرا"، انتهى.

                                                                                                                                                                                                                                      قلت: يعني بقوله: "انطوى تحته ذكر ما رزقوه في الدارين" أنه لما كان التقدير: مثل الذي رزقناه كان قد انطوى على المرزوقين معا كما أن قولك: "زيد مثل حاتم" منطو على زيد وحاتم.

                                                                                                                                                                                                                                      قال الشيخ: "وما قاله غير ظاهر؛ لأن الظاهر عوده على المرزوق في الآخرة فقط؛ لأنه هو المحدث عنه، والمشبه بالذي رزقوه من قبل، لا سيما إذا فسرت القبلية بما في الجنة، فإنه يتعين عوده على المرزوق في الجنة فقط، وكذلك إذا أعربت الجملة حالا، إذ يصير التقدير: قالوا: هذا [مثل] الذي رزقنا من قبل وقد أتوا به [متشابها] ؛ لأن الحامل لهم على هذا القول كونه أتوا به متشابها، وعلى تقدير أن يكون معطوفا على "قالوا" لا يصح عوده على المرزوق في الدارين؛ لأن الإتيان إذ ذاك يستحيل أن يكون ماضيا معنى؛ لأن العامل في "كلما" وما في حيزها يتعين هنا أن يكون مستقبل المعنى؛ لأنها لا تخلو من معنى الشرط، وعلى تقدير كونها مستأنفة لا يظهر ذلك - أيضا - لأن هذه الجمل محدث بها عن الجنة وأحوالها".

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله "متشابها "حال من الضمير في "به".

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 219 ] قوله: ولهم فيها أزواج مطهرة "لهم" خبر مقدم و"أزواج" مبتدأ و"فيها" متعلق بالاستقرار الذي تعلق به الخبر.

                                                                                                                                                                                                                                      قال أبو البقاء :" ولا يكون "فيها" الخبر لأن الفائدة تقل، إذ الفائدة في جعل الأزواج لهم".

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: "مطهرة" صفة وأتى بها مفردة على حد: "النساء طهرت"، ومنه قول الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                      297 - وإذا العذارى بالدخان تلفعت     واستعجلت نصب القدور فملت



                                                                                                                                                                                                                                      وقرئ: "مطهرات" على حد: النساء طهرن.

                                                                                                                                                                                                                                      والزوج: ما يكون معه آخر، ويقال: "زوج" للرجل والمرأة، وأما "زوجة" فقليل، ونقل الفراء أنها لغة تميم، وأنشد للفرزدق:


                                                                                                                                                                                                                                      298 - وإن الذي يسعى ليفسد زوجتي     كساع إلى أسد الشرى يستبيلها



                                                                                                                                                                                                                                      وفي الحديث عن عمار بن ياسر في حق عائشة رضي الله عنهما: "والله إني لأعلم أنها زوجته في الدنيا والآخرة"، ذكره البخاري، واختاره الكسائي، والزوج أيضا: الصنف، والتثنية: زوجان، والطهارة: النظافة، والفعل منها طهر بالفتح ويقل الضم، واسم الفاعل منها "طاهر" فهو مقيس [ ص: 220 ] على الأول، شاذ على الثاني كخاثر وحامض من خثر اللبن وحمض بضم العين.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: وهم فيها خالدون "هم" مبتدأ، و"خالدون" خبره، و"فيها" متعلق به، وقدم ليوافق رؤوس الآي.

                                                                                                                                                                                                                                      وأجازوا أن يكون "فيها" خبرا أول، و"خالدون" خبر ثان، وليس هذا بسديد، وهذه الجملة والتي قبلها عطف على الجملة قبلها حسب ما تقدم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال أبو البقاء : "وهاتان الجملتان مستأنفتان، ويجوز أن تكون الثانية حالا من الهاء والميم في "لهم" والعامل فيها معنى الاستقرار".

                                                                                                                                                                                                                                      والخلود: المكث الطويل، وهل يطلق على ما لا نهاية له بطريق الحقيقة أو المجاز؟ قولان، قال زهير:


                                                                                                                                                                                                                                      299 - فلو كان حمد يخلد الناس لم تمت     ولكن حمد الناس ليس بمخلد



                                                                                                                                                                                                                                      وقال الزمخشري : "هو الثبات الدائم والبقاء اللازم الذي لا ينقطع"، وأنشد لامرئ القيس:


                                                                                                                                                                                                                                      300 - ألا عم صباحا أيها الطلل البالي     وهل يعمن من كان في العصر الخالي
                                                                                                                                                                                                                                      وهل ينعمن إلا سعيد مخلد     قليل الهموم ما يبيت بأوجال



                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 221 ]

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية