الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (63) قوله تعالى: فوقكم : ظرف مكان ناصبه "رفعنا" وحكم "فوق" مثل حكم تحت، وقد تقدم الكلام عليه.

                                                                                                                                                                                                                                      قال أبو البقاء : ويضعف أن يكون حالا من "الطور" لأن التقدير يصير: رفعنا الطور عاليا، وقد استفيد [هذا] من "رفعنا" وفي هذا نظر لأن المراد به علو خاص وهو كونه عاليا عليهم لا مطلق العلو حتى يصير رفعناه عاليا كما قدره، قال: "ولأن الجبل لم يكن فوقهم وقت الرفع، وإنما صار فوقهم بالرفع.

                                                                                                                                                                                                                                      ولقائل أن يقول: لم لا يكون حالا مقدرة، وقد قال هو في قوله "بقوة" إنها حال مقدرة كما سيأتي.

                                                                                                                                                                                                                                      والطور: اسم لكل جبل، وقيل لما أنبت منها خاصة دون ما لم ينبت، وهل هو عربي أو سرياني؟ قولان، وقيل: سمي بطور ابن إسماعيل عليه السلام، وقال العجاج:

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 409 ]


                                                                                                                                                                                                                                      519 - داني جناحيه من الطور فمر تقضي البازي إذا البازي كسر



                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "خذوا" في محل نصب بقول مضمر، أي: وقلنا لهم خذوا، وهذا القول المضمر يجوز أن يكون في محل نصب على الحال من فاعل "رفعنا" والتقدير: ورفعنا الطور قائلين لكم خذوا، وقد تقدم أن "خذ" محذوف الفاء وأن الأصل: اؤخذ، عند قوله وكلا منها رغدا .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: ما آتيناكم مفعول "خذوا"، و"ما" موصولة بمعنى الذي لا نكرة موصوفة، والعائد محذوف أي: ما آتيناكموه.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "بقوة" في محل نصب على الحال، وفي صاحبها قولان، أحدهما: أنه فاعل "خذوا" وتكون حالا مقدرة، والمعنى: خذوا الذي آتيناكموه حال كونكم عازمين على الجد بالعمل به.

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: أنه ذلك العائد المحذوف، والتقدير: خذوا الذي آتيناكموه في حال كونه مشددا فيه، أي: في العمل به والاجتهاد في معرفته، وقوله "ما فيه" الضمير يعود على "ما آتيناكم".

                                                                                                                                                                                                                                      والتولي تفعل من الولي، وأصله الإعراض عن الشيء بالجسم، ثم استعمل في الإعراض عن الأمور والاعتقادات اتساعا ومجازا، و"ذلك" إشارة إلى ما تقدم من رفع الطور وإيتاء التوراة.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية