الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (70) قوله تعالى: ما هي .

                                                                                                                                                                                                                                      مرة ثانية، تكرير للسؤال عن حالها وصفتها واستكشاف زائد ليزدادوا بيانا لوصفها.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: إن البقر تشابه علينا "البقر" اسم (إن) وهو اسم جنس كما تقدم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرئ "الباقر" وهو بمعناه كما تقدم.

                                                                                                                                                                                                                                      و"تشابه" جملة فعلية في محل رفع خبرا لإن، وقرئ: "تشابه" مشددا ومخففا وهو مضارع، فالأصل: تتشابه بتاءين، فأدغم وحذف منه أخرى، وكلا الوجهين مقيس.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرئ أيضا: يشابه بالياء من تحت وأصله يتشابه فأدغم أيضا، وتذكير الفعل وتأنيثه جائزان لأن فاعله اسم جنس وفيه لغتان: التذكير والتأنيث، قال تعالى: أعجاز نخل خاوية فأنث، و أعجاز نخل منقعر فذكر، ولهذا موضع نستقصي منه، يأتي إن شاء الله تعالى.

                                                                                                                                                                                                                                      وتتشابه بتاءين على الأصل، وتشبه بتشديد الشين والباء من غير ألف، والأصل: تتشبه، وتشابهت، [ ص: 427 ] ومتشابهة، ومتشابه، ومتشبه على اسم الفاعل من تشابه وتشبه، وقرئ: (تشبه) ماضيا، وفي مصحف أبي: "تشابهت" بتشديد الشين.

                                                                                                                                                                                                                                      قال أبو حاتم : "هو غلط لأن التاء في هذا الباب لا تدغم إلا في المضارع"، وهو معذور في ذلك.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرئ: تشابه كذلك إلا أنه بطرح تاء التأنيث، ووجهها على إشكالها أن يكون الأصل: إن البقرة تشابهت فالتاء الأولى من البقرة والتاء الثانية من الفعل، فلما اجتمع متقاربان أدغم، نحو: الشجرة، إلا أنه يشكل - أيضا - في تشابه من غير تاء؛ لأنه كان يجب ثبوت علامة التأنيث، وجوابه أنه مثل:


                                                                                                                                                                                                                                      544 - . . . . . . . . . . . . ولا أرض أبقل إبقالها



                                                                                                                                                                                                                                      مع أن ابن كيسان لا يلتزم ذلك في السعة.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: إن شاء الله هذا شرط جوابه محذوف لدلالة إن وما في حيزها عليه، والتقدير: إن شاء الله هدايتنا للبقرة اهتدينا، ولكنهم أخرجوه في جملة اسمية مؤكدة بحرفي تأكيد مبالغة في طلب الهداية، واعترضوا بالشرط تيمنا بمشيئة الله تعالى.

                                                                                                                                                                                                                                      و"لمهتدون" اللام لام الابتداء داخلة على خبر "إن"، وقال أبو البقاء : جواب الشرط إن وما عملت فيه عند سيبويه ، وجاز ذلك [ ص: 428 ] لما كان الشرط متوسطا، وخبر إن هو جواب الشرط في المعنى، وقد وقع بعده، فصار التقدير: إن شاء الله اهتدينا.

                                                                                                                                                                                                                                      وهذا الذي قاله لا يجوز، فإنه متى وقع جواب الشرط ما لا يصلح أن يكون شرطا وجب اقترانه بالفاء، وهذه الجملة لا تصلح أن تقع شرطا، فلو كانت جوابا لزمتها الفاء، ولا تحذف إلا ضرورة، ولا جائز أن يريد أبو البقاء أنه دال على الجواب وسماه جوابا مجازا؛ لأنه جعل ذلك مذهبا للمبرد مقابلا لمذهب سيبويه ، فقال: وقال المبرد: الجواب محذوف دلت عليه الجملة؛ لأن الشرط معترض فالنية به التأخير، فيصير كقولك: "أنت ظالم إن فعلت" وهذا الذي نقله عن المبرد هو المنقول عن سيبويه ، والذي نقله عن سيبويه قريب مما نقل عن الكوفيين وأبي زيد من أنه يجوز تقديم جواب الشرط عليه، وقد رد عليهم البصريون بقول العرب: "أنت ظالم إن فعلت" إذ لو كان جوابا لوجب اقترانه بالفاء لما ذكرت لك.

                                                                                                                                                                                                                                      وأصل "مهتدون" مهتديون، فأعل بالحذف، وهو واضح مما تقدم.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية