الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      322 حدثنا محمد بن كثير العبدي حدثنا سفيان عن سلمة بن كهيل عن أبي مالك عن عبد الرحمن بن أبزى قال كنت عند عمر فجاءه رجل فقال إنا نكون بالمكان الشهر والشهرين فقال عمر أما أنا فلم أكن أصلي حتى أجد الماء قال فقال عمار يا أمير المؤمنين أما تذكر إذ كنت أنا وأنت في الإبل فأصابتنا جنابة فأما أنا فتمعكت فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال إنما كان يكفيك أن تقول هكذا وضرب بيديه إلى الأرض ثم نفخهما ثم مسح بهما وجهه ويديه إلى نصف الذراع فقال عمر يا عمار اتق الله فقال يا أمير المؤمنين إن شئت والله لم أذكره أبدا فقال عمر كلا والله لنولينك من ذلك ما توليت حدثنا محمد بن العلاء حدثنا حفص حدثنا الأعمش عن سلمة بن كهيل عن ابن أبزى عن عمار بن ياسر في هذا الحديث فقال يا عمار إنما كان يكفيك هكذا ثم ضرب بيديه الأرض ثم ضرب إحداهما على الأخرى ثم مسح وجهه والذراعين إلى نصف الساعدين ولم يبلغ المرفقين ضربة واحدة قال أبو داود ورواه وكيع عن الأعمش عن سلمة بن كهيل عن عبد الرحمن بن أبزى ورواه جرير عن الأعمش عن سلمة بن كهيل عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى يعني عن أبيه حدثنا محمد بن بشار حدثنا محمد يعني ابن جعفر أخبرنا شعبة عن سلمة عن ذر عن ابن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن عمار بهذه القصة فقال إنما كان يكفيك وضرب النبي صلى الله عليه وسلم بيده إلى الأرض ثم نفخ فيها ومسح بها وجهه وكفيه شك سلمة وقال لا أدري فيه إلى المرفقين يعني أو إلى الكفين حدثنا علي بن سهل الرملي حدثنا حجاج يعني الأعور حدثني شعبة بإسناده بهذا الحديث قال ثم نفخ فيها ومسح بها وجهه وكفيه إلى المرفقين أو إلى الذراعين قال شعبة كان سلمة يقول الكفين والوجه والذراعين فقال له منصور ذات يوم انظر ما تقول فإنه لا يذكر الذراعين غيرك حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن شعبة قال حدثني الحكم عن ذر عن ابن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن عمار في هذا الحديث قال فقال يعني النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان يكفيك أن تضرب بيديك إلى الأرض فتمسح بهما وجهك وكفيك وساق الحديث قال أبو داود ورواه شعبة عن حصين عن أبي مالك قال سمعت عمارا يخطب بمثله إلا أنه قال لم ينفخ وذكر حسين بن محمد عن شعبة عن الحكم في هذا الحديث قال ضرب بكفيه إلى الأرض ونفخ [ ص: 395 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 395 ] ( فقال إنا نكون بالمكان الشهر أو الشهرين ) : وفي رواية النسائي فقال : يا أمير المؤمنين ربما نمكث الشهر والشهرين ، ولا نجد الماء ( إذ كنت أنا وأنت في الإبل ) : وفي رواية النسائي : ونحن نرعى الإبل ( فأما أنا فتمعكت ) : من باب التفعل ، وأصل المعك الدلك ، معكه في التراب يمعكه معكا ، ومعكه تمعيكا : مرغه فيه ، والتمعك التقلب فيه . وفي رواية مسلم : يا أمير المؤمنين ، إذ أنا وأنت في سرية فأجنبنا فلم نجد ماء فأما أنت فلم تصل وأما أنا فتمعكت في التراب ( أن تقول هكذا ) : أي تفعل هكذا ( إلى نصف الذراع ) : قال البيهقي في المعرفة : واختلفوا فيه على أبي حبيب بن صهبان . فقيل عنه عن عبد الرحمن بن أبزى إلى نصف الذراع . وقيل عنه عن عمار نفسه : وجهه وكفيه والاعتماد على رواية الحكم بن عتيبة فهو فقيه حافظ لم يشك في الحديث وسياقه أحسن انتهى . وستأتي رواية الحكم ( إن شئت والله لم أذكره أبدا ) : أي إن رأيت المصلحة في إمساكي عن التحديث به راجحة على المصلحة في تحديثي به أمسكت فإن طاعتك واجبة علي في غير المعصية . وأصل تبليغ هذه السنة قد حصل ( فقال عمر كلا والله ) : لا تمسك تحديثك به ولا يلزم من عدم تذكري أن لا يكون حقا في نفس الأمر ، فليس لي أن أمنعك من التحديث به ( لنولينك ) : أي نكل إليك ما قلت ونرد إليك ( من ذلك ) : من أمر التيمم ( ما توليت ) : أي ما وليته نفسك ورضيت لها به . قال المنذري : وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه مختصرا ومطولا . [ ص: 396 ] ( ثم مسح وجهه والذراعين إلى نصف الساعدين ولم يبلغ المرفقين ) : الذراع من المرفق إلى طرف الأصابع والساعد ما بين المرفق والكف كذا في المصباح وقال الأزهري : والساعد ساعد الذراع وهو ما بين الزندين والمرفق ، والزند بالفتح موصل طرف الذراع في الكف ، وهما زندان : الكوع والكرسوع ، فطرف الزند الذي يلي الإبهام هو الكوع ، وطرف الزند الذي يلي الخنصر كرسوع . والرسغ مجتمع الزندين ، ومن عندهما تقطع يد السارق انتهى . والمرفق كمنبر موصل الذراع في العضد ، والعضد هو ما بين المرفق إلى الكتف . ( كان سلمة ) : بن كهيل ( فقال له ) : أي لسلمة ( ذات يوم ) : ذات الشيء : نفسه وحقيقته . والمراد ما أضيف له والمعنى يوم من الأيام ( انظر ) : يا سلمة ( ما تقول ) : في [ ص: 397 ] روايتك ( فإنه ) : الضمير للشأن ( لا يذكر الذراعين غيرك ) : فأنت متفرد ما بين أصحاب ذر بن عبد الله بذكر لفظ الذراعين .




                                                                      الخدمات العلمية