الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      [ المسألة ] الثالثة : من حق الشرط أن لا يدخل إلا على المنتظر ، لأن ما انقضى لا يصح الشرط فيه ; ولهذا كانت الأفعال الواقعة بعد أدوات الشرط مستقبلة أبدا ، سواء كان لفظها ماضيا مضارعا إلا أن تدخل الفاء ، فإن الفعل يكون على حسب لفظها ما هو ، نحو إن يقم زيد فقد أكرمته . فإن لم يكن فاء ، فالأمر على ما قلناه ; إلا في " كان " وحدها ، فإن المبرد نقل عنه أنها تبقى على مضيها ، فتقول : إن كان زيد قائما قمت و " كان " ماضية ، واحتج لقوله تعالى : { إن كنت قلته فقد علمته } لأن قوله : { وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس } قد كان [ ص: 442 ] ومن جهة المعنى أنها مستغرقة للزمان ، ألا ترى أنها لا تخص زمانا دون غيره ، وزعم ابن السراج أن المبرد احتج بالآية ، قال : وفيها نظر ، فلم يجزم ، ولم يجعل الآية قطعية في المقصود . والصحيح عدم خروجها عن سائر الأفعال ، ونزل الآية على أن " إن " دخلت على فعل محذوف مستقبل ، إما على إضمار : " يكن " أي إن يكن قلته . وإما على إضمار القول ، أي : إن أكن فيما استقبل كنت قلته ، أي موصوفا بهذا ، أو إن أقل كنت قلته .

                                                      والصحيح عند ابن مالك وغيره أن الشرط لا يكون غير مستقبل المعنى بلفظ " كان " وغيرها إلا مؤولا . لكن ما قاله مستدرك " بلو ، ولما " الشرطيتين . فإن الفعل بعدها لا يكون إلا ماضيا .

                                                      وقال أبو نصر بن القشيري : المشروط ينبغي أن يكون مشروطا في الاستقبال ، نقول : لا أضرب زيدا حتى يقوم عمرو ، ولا يحسن لا أضرب زيدا بالأمس حتى يقوم عمرو . فأما الشرط ، فقالوا : يجب أن يكون مرقوبا في الاستقبال . قال القاضي : وفيه نظر إذ قد يقع الشرط كائنا في الحال غير مستقبل ، فيحسن أن تقول : إن كان زيد اليوم راكبا يركب غدا ، فيوافق وجود الشرط لفعلك ، ويتقدم على المشروط .

                                                      قال ابن القشيري : وهذا نزاع لفظي ، لأن هذا القول لا يحسن إذ مخاطبك يعرف أن زيدا اليوم راكب ، وكذلك إن لم يعرف ، وإنما يحسن عند الجهل ، فكأنك قلت : إن كان أوضح لنا أن زيدا راكب قمت غدا ، فهذا الشرط إذن على الحقيقة مرقوب .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية