الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
م3 - ثم اختلفوا : في المؤلفة قلوبهم هل بقي لهم الآن حكم ؟

فقال أحمد : حكمهم باق ، لم ينسخ ، ومتى وجد الإمام قوما من المشركين ، يخاف الضرر بهم ، ويعلم بإسلامهم مصلحة ، جاز أن يتألفهم بمال [ ص: 362 ] الزكاة . وعنه رواية أخرى : حكمهم منسوخ ، وهو مذهب أبي حنيفة .

وقال الشافعي : هم ضربان : كفار ومسلمون ، فمؤلفة الكفار ضربان : ضرب يرجى خيره ، وضرب يكف شره ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعطيهم فهل يعطون بعده صلى الله عليه وسلم على قولين : [ ص: 363 ] أحدهما : يعطون ، والآخر : لا يعطون .

ومؤلفة الإسلام على أربعة أضرب : قوم مسلمون شرفاء يعطون ليرغب نظراؤهم في الإسلام ، وآخرون نيتهم ضعيفة في الإسلام يعطون لتقوى نياتهم ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعطيهم .

وهل يعطون بعده ، فيه قولان : أحدهما : يعطون ، والثاني : لا يعطون .

ومن أين يعطون ، فيه قولان : أحدهما : من الزكاة ، والثاني : من خمس الخمس .

والضرب الثالث : قوم مسلمون يليهم قوم من الكفار إن أعطوا قاتلوهم ، وقوم يليهم قوم من أهل الصدقات ، إن أعطوا جبوا الصدقات ، فعنه أربعة أقوال :

أحدها : أنهم يعطون من سهم المصالح ، والثاني : من سهم المؤلفة من الزكاة ، والثالث : من سهم الغزاة من الزكاة ، والرابع : وهو الذي عليه أصحابه أنهم يعطون من سهم الغزاة وسهم المؤلفة .

وقال مالك : لم يبق للمؤلفة سهم لغناء المسلمين عنهم ، وهذا هو المذهب المشهور عنه .

وعنه رواية أخرى : أنهم إن احتاج إليهم بلد من البلدان أو ثغر من الثغور استألف الإمام لوجود العلة . [ ص: 364 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية