الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        بل عجبت ويسخرون وإذا ذكروا لا يذكرون وإذا رأوا آية يستسخرون وقالوا إن هذا إلا سحر مبين أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون أوآباؤنا الأولون قل نعم وأنتم داخرون فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم ينظرون وقالوا يا ويلنا هذا يوم الدين هذا يوم الفصل الذي كنتم به تكذبون

                                                                                                                                                                                                                                        (12) بل عجبت أيها الرسول أو أيها الإنسان، من تكذيب من كذب بالبعث، بعد أن أريتهم من الآيات العظيمة والأدلة المستقيمة، وهو حقيقة محل عجب واستغراب، لأنه مما لا يقبل الإنكار، ( و ) أعجب من إنكارهم وأبلغ منه، أنهم " يسخرون " ممن جاء بالخبر عن البعث، فلم يكفهم مجرد الإنكار، حتى زادوا السخرية بالقول الحق.

                                                                                                                                                                                                                                        (13) ( و ) من العجب أيضا أنهم " إذا ذكروا " ما يعرفون في فطرهم وعقولهم، وفطنوا له، ولفت نظرهم إليه لا يذكرون ذلك، فإن كان جهلا فهو من أدل الدلائل على شدة بلادتهم العظيمة، حيث ذكروا ما هو مستقر في الفطر، معلوم بالعقل، لا يقبل الإشكال، وإن كان تجاهلا وعنادا، فهو أعجب وأغرب.

                                                                                                                                                                                                                                        (14) ومن العجب أيضا أنهم إذا أقيمت عليهم الأدلة، وذكروا الآيات التي يخضع لها فحول الرجال وألباب الألباء، يسخرون منها ويعجبون.

                                                                                                                                                                                                                                        (15) ومن العجب أيضا قولهم للحق لما جاءهم: إن هذا إلا سحر مبين فجعلوا أعلى الأشياء وأجلها، وهو الحق، في رتبة أخس الأشياء وأحقرها.

                                                                                                                                                                                                                                        (16-17) ومن العجب أيضا قياسهم قدرة رب الأرض والسماوات، على قدرة الآدمي الناقص من جميع الوجوه، فقالوا استبعادا وإنكارا: أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون أوآباؤنا الأولون .

                                                                                                                                                                                                                                        (18) ولما كان هذا منتهى ما عندهم، وغاية ما لديهم، أمر الله رسوله أن يجيبهم بجواب مشتمل على ترهيبهم فقال: قل نعم ستبعثون، أنتم وآباؤكم الأولون وأنتم داخرون ذليلون صاغرون، لا تمتنعون، ولا تستعصون على قدرة الله.

                                                                                                                                                                                                                                        (19) فإنما هي زجرة واحدة ينفخ إسرافيل فيها في الصور فإذا هم [ ص: 1466 ] مبعوثون من قبورهم ينظرون كما ابتدئ خلقهم، بعثوا بجميع أجزائهم، حفاة عراة غرلا.

                                                                                                                                                                                                                                        (20) وفي تلك الحال يظهرون الندم والخزي والخسار، ويدعون بالويل والثبور.

                                                                                                                                                                                                                                        وقالوا يا ويلنا هذا يوم الدين فقد أقروا بما كانوا في الدنيا به يهزءون.

                                                                                                                                                                                                                                        (21) فيقال لهم: هذا يوم الفصل بين العباد فيما بينهم وبين ربهم من الحقوق، وفيما بينهم وبين غيرهم من الخلق.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية