الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              «أنعم الله » :

                                                                                                                                                                                                                              بفتح الهمزة وضم المهملة، جمع نعمة في الأصل وهي الإحسان وسمي بذلك لأنه نعمة من الله تعالى على عباده وبعثته رحمة لهم، وحصل بوجوده للخلق نعم كثيرة منها الإسلام والإنقاذ من الكفر والأمن من الخسف

                                                                                                                                                                                                                              «أنفس العرب » :

                                                                                                                                                                                                                              قال الله تعالى: لقد جاءكم رسول من أنفسكم على قراءة الفتح، وقد

                                                                                                                                                                                                                              روى الحاكم عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ: «أنفسكم »

                                                                                                                                                                                                                              بفتح الفاء
                                                                                                                                                                                                                              أي من أعظمكم قدرا.

                                                                                                                                                                                                                              وأنفس: أفعل من النفاسة وهي الشرف والعلو والعز، ومنه: در نفيس أي عزيز المثل.

                                                                                                                                                                                                                              والجمهور أن المخاطب بهذه الآية العرب، وإذا كان صلى الله عليه وسلم أنفسهم كان أنفس الخلق، لأنهم أفضل من غيرهم ولكن إنما فضلهم برسول الله صلى الله عليه وسلم لكونه منهم قال الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                              وكم أب قد علا بابن ذرى شرف كما علت برسول الله عدنان

                                                                                                                                                                                                                              «أوفى الناس ذماما » :

                                                                                                                                                                                                                              بكسر الذال المعجمة أي أكثرهم حرمة وأشدهم مهابة قال حسان- رضي الله تعالى عنه-:


                                                                                                                                                                                                                              وما حملت من ناقة فوق رحلها     أبر وأوفى ذمة من محمد

                                                                                                                                                                                                                              «الأنور المتجرد » :

                                                                                                                                                                                                                              أي المشرق. والمتجرد بفتح الراء: كل ما يتجرد عنه من بدنه فيرى.

                                                                                                                                                                                                                              «الأواه » :

                                                                                                                                                                                                                              بتشديد الواو.

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما-: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو: «رب اجعلني شكارا لك ذكارا لك رهابا لك مطواعا لك مخبتا لك أواها منيبا

                                                                                                                                                                                                                              الحديث. قد اختلف في معنى الأواه على أقوال حاصلها: أنه الخاشع المتضرع في الدعاء المؤمن التواب والموقن المنيب الحفيظ بلا ذنب، المسبح المستغفر بلا خطأ، الحليم [ ص: 437 ] الرحيم المطيع المستكن إلى الله تعالى، الخائف الوجل الذاكر التالي للقرآن، وهو صلى الله عليه وسلم متصف بجميع ذلك.

                                                                                                                                                                                                                              «الأوسط » :

                                                                                                                                                                                                                              العادل أو الخيار من كل شيء ويرحم الله تعالى القائل:


                                                                                                                                                                                                                              يا أوسط الناس طرا في تفاخرهم     وفي تفاضلهم يا أشرف العرب

                                                                                                                                                                                                                              وقد وصف الله تعالى أمته صلى الله عليه وسلم بذلك فقال: وكذلك جعلناكم أمة وسطا أي عدولا خيارا وأهل دين وسط بين الغلو والتقصير.

                                                                                                                                                                                                                              «الأولى » :

                                                                                                                                                                                                                              أي الأولى بالمؤمنين من أنفسهم أي أجدر وأحرى في كل شيء من أمور الدنيا والدين من أنفسهم. وسيأتي لهذا مزيد بيان في الخصائص إن شاء الله تعالى

                                                                                                                                                                                                                              «الأول » :

                                                                                                                                                                                                                              السابق المتقدم على غيره، أو الذي يقتدى به، وهو هنا غير مصروف لكونه جعل علما له صلى الله عليه وسلم ولوزن الفعل، ثم هو عند البصريين صفة جارية في اللفظ مطلقا مجرى أسبق الذي هو أفعل تفضيل من السبق فيلزم إفراده وتذكيره وإيلاؤه من حيث جرد من اللام، وإن نويت إضافته بني على الضم

                                                                                                                                                                                                                              «الآخر » :

                                                                                                                                                                                                                              ضد الأول: اسم فاعل من التأخر ضد التقدم. وفي حديث أنس عند البيهقي في قصة الإسراء: ثم لقي خلقا من خلق الله تعالى فقالوا: السلام عليك يا أول، السلام عليك يا آخر، السلام عليه يا حاشر، فقال له جبريل: اردد السلام يا محمد.

                                                                                                                                                                                                                              وفي حديث أبي هريرة في الإسراء عند البزار : وجعلتك أول النبيين خلقا وآخرهم بعثا » .

                                                                                                                                                                                                                              روى مسلم عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا سيد ولد آدم يوم القيامة وأول من تنشق عنه الأرض، وأول شافع، وأول مشفع .

                                                                                                                                                                                                                              وهذان الاسمان من أسمائه تعالى. ومعنى الأول في حقه: السابق للأشياء قبل وجودها بلا بداية والآخر للأشياء بعد فنائها بلا نهاية. قال القاضي: وتحقيقه أنه ليس له أول ولا آخر

                                                                                                                                                                                                                              «أول الرسل خلقا »

                                                                                                                                                                                                                              «أول شافع » :

                                                                                                                                                                                                                              أي طالب للشفاعة

                                                                                                                                                                                                                              «أول مشفع » :

                                                                                                                                                                                                                              بفتح الفاء: الذي يشفع فتقبل شفاعته وهي السؤال في التجاوز عن المذنبين ويأتي الكلام عليه في أبواب حشره صلى الله عليه وسلم [ ص: 438 ] «أول المسلمين » :

                                                                                                                                                                                                                              أي المقتدى به في الإسلام

                                                                                                                                                                                                                              «أول من تنشق عنه الأرض » :

                                                                                                                                                                                                                              يأتي الكلام عنه في أبواب حشره صلى الله عليه وسلم

                                                                                                                                                                                                                              «أول المؤمنين » :

                                                                                                                                                                                                                              أي المقتدى به في الإيمان

                                                                                                                                                                                                                              «آية الله » :

                                                                                                                                                                                                                              ذكره الشيخ رحمه الله تعالى ولم يزد فيه.

                                                                                                                                                                                                                              روى ابن المنذر عن مجاهد رحمه الله تعالى في قوله تعالى: سنريهم آياتنا في الآفاق قال: محمد صلى الله عليه وسلم لأنه العلامة الظاهرة. قال الراغب رحمه الله تعالى: واشتقاقها من أي لأنها تبين شيئا من شيء أو من أوى إليه لأنه يؤوي إليها ليستدل بها على المطلوب.

                                                                                                                                                                                                                              وسمي بذلك لأن الله تعالى جعله علما على طريق الهدى، وعلما يستدل به على الفوز الأبدي ويقتدى به وقرئ: «إن الذين كفروا بآية الله لهم عذاب شديد » قيل المراد بها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية