الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملا ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة ليقولن ما يحبسه ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون

                                                                                                                                                                                                                                        (7) يخبر تعالى أنه خلق السماوات والأرض في ستة أيام أولها يوم الأحد وآخرها يوم الجمعة ( و ) حين خلق السماوات والأرض " كان عرشه على الماء " فوق السماء السابعة.

                                                                                                                                                                                                                                        فبعد أن خلق السماوات والأرض استوى عليه، يدبر الأمور، ويصرفها كيف شاء من الأحكام القدرية، والأحكام الشرعية. ولهذا قال: ليبلوكم أيكم أحسن عملا أي: ليمتحنكم، إذ خلق لكم ما في السماوات والأرض بأمره ونهيه، فينظر أيكم أحسن عملا.

                                                                                                                                                                                                                                        قال الفضيل بن عياض رحمه الله: "أخلصه وأصوبه" قيل يا أبا علي: "ما أخلصه وأصوبه"؟. فقال: إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا، لم يقبل. وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل، حتى يكون خالصا صوابا. والخالص: أن يكون لوجه الله، والصواب: أن يكون متبعا فيه الشرع والسنة، وهذا كما قال تعالى: وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون .

                                                                                                                                                                                                                                        وقال تعالى: الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما فالله تعالى خلق الخلق لعبادته ومعرفته بأسمائه وصفاته، وأمرهم بذلك، فمن انقاد، وأدى ما أمر به، فهو من المفلحين، ومن أعرض عن ذلك، فأولئك هم الخاسرون، ولا بد أن يجمعهم في دار يجازيهم فيها على ما أمرهم به ونهاهم.

                                                                                                                                                                                                                                        ولهذا ذكر الله تكذيب المشركين بالجزاء، فقال: ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين . أي: ولئن قلت لهؤلاء [ ص: 740 ] وأخبرتهم بالبعث بعد الموت، لم يصدقوك، بل كذبوك أشد التكذيب ، وقدحوا فيما جئت به، وقالوا: إن هذا إلا سحر مبين ألا وهو الحق المبين.

                                                                                                                                                                                                                                        (8) ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة أي: إلى وقت مقدر فتباطؤوه، لقالوا من جهلهم وظلمهم ما يحبسه ومضمون هذا تكذيبهم به، فإنهم يستدلون بعدم وقوعه بهم عاجلا على كذب الرسول المخبر بوقوع العذاب، فما أبعد هذا الاستدلال"

                                                                                                                                                                                                                                        ألا يوم يأتيهم العذاب ليس مصروفا عنهم فيتمكنون من النظر في أمرهم.

                                                                                                                                                                                                                                        وحاق بهم أي: نزل ما كانوا به يستهزئون من العذاب، حيث تهاونوا به، حتى جزموا بكذب من جاء به.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية