الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      يزيد بن أبي زياد ( 4 ، م قرنه ، خت )

                                                                                      الإمام المحدث أبو عبد الله ، الهاشمي ، مولاهم الكوفي ، مولى عبد الله بن الحارث بن نوفل ، معدود في صغار التابعين .

                                                                                      قلت : رأى أنسا ، وروى عن مولاه عبد الله ، وأبي جحيفة السوائي إن صح ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى ، وعبد الله بن شداد بن الهاد ، وعمرو بن سلمة الهمداني ، لا الجرمي ، وعبد الله بن معقل بن مقرن ، ومجاهد وعكرمة ، وعطاء ، وأبي صالح ذكوان ، وسالم بن أبي الجعد ، وأبي فاختة سعيد بن علاقة ، ومقسم ، وإبراهيم النخعي ، وعبد الرحمن بن أبي نعم ، وطائفة . وينزل إلى عبد الله بن محمد بن عقيل .

                                                                                      وكان من أوعية العلم ، وليس هو بالمتقن ، فلذا لم يحتج به الشيخان . حدث عنه شعبة ، والثوري ، وأبو حمزة السكري ، ومنصور بن أبي الأسود ، وزائدة ، وقيس ، وعبد العزيز بن مسلم ، وحبان بن علي ، وشريك ، وهشيم ، وابن عيينة ، وعلي بن مسهر ، وابن فضيل ، وأبو عوانة ، وجرير بن [ ص: 130 ] عبد الحميد ، وخالد بن عبد الله ، وأبو بكر بن عياش ، وزياد البكائي ، وعلي بن عاصم ، وابن إدريس ، وابن نمير ، وخلق كثير .

                                                                                      وروى عنه من أقرانه : إسماعيل بن أبي خالد .

                                                                                      قال شعبة : كان رفاعا -يعني الآثار التي هي من أقوال الصحابة يرفعها- وقال ابن فضيل : كان من أئمة الشيعة الكبار . وقال أحمد بن حنبل : لم يكن بالحافظ . وروى عباس عن يحيى : لا يحتج بحديثه .

                                                                                      روى عثمان الدارمي عن يحيى : ليس بالقوي . وروى أبو يعلى عن يحيى : ضعيف الحديث . وقال العجلي : جائز الحديث . كان بأخرة يلقن ، وأخوه برد ثقة .

                                                                                      وروى عثمان بن أبي شيبة ، عن جرير قال : كان أحسن حفظا من عطاء بن السائب ، وقال ابن معين : ما أقربهما . وذكره ابن المبارك فقال : ارم به .

                                                                                      وقال ابن مهدي : ليث بن أبي سليم ، وعطاء بن السائب ، ويزيد بن أبي زياد ، ليث أحسنهم حالا .

                                                                                      وقال أبو زرعة لين . وقال أبو حاتم : ليس بالقوي ، وقال أبو داود : لا أعلم أحدا ترك حديثه ، وقال الجوزجاني : سمعتهم يضعفون حديثه . وقال ابن عدي : هو من شيعة أهل الكوفة ، ومع ضعفه يكتب حديثه .

                                                                                      وقد علق البخاري له لفظة فقال : قال جرير ، عن يزيد : القسية : ثياب مضلعة . وقد روى له مسلم فقرنه بآخر معه . وقد حدث عنه شعبة مع براعته في نقد الرجال .

                                                                                      وروى علي بن عاصم -وليس بحجة- عن شعبة ، قال : ما أبالي إذا كتبت عن يزيد بن أبي زياد أن لا أكتبه عن أحد . وقد خرج له الترمذي ، وحسن له ما رواه من طريق هشيم : [ ص: 131 ] أنبأنا يزيد بن أبي زياد ، حدثنا عبد الرحمن بن أبي نعم عن أبي سعيد ، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سئل عما يقتل المحرم ، قال : الحية ، والعقرب ، والفويسقة ، ويرمي الغراب ولا يقتله ، والكلب العقور ، والحدأة ، والسبع العادي وأخرجه أبو داود أيضا وهذا خبر منكر .

                                                                                      ابن فضيل : حدثنا يزيد ، عن سليمان بن عمرو بن الأحوص ، عن أبي برزة قال : تغنى معاوية وعمرو بن العاص فقال النبي صلى الله عليه وسلم : اللهم أركسهما في الفتنة ركسا ودعهما في النار دعا وهذا أيضا منكر .

                                                                                      وأنكر منه حديث الرايات فقال أبو جعفر العقيلي : حدثناه محمد بن إسماعيل ، حدثنا عمرو بن عون ، أنبأنا خالد بن عبد الله ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله قال : كنا جلوسا عند النبي -صلى الله عليه وسلم- إذ جاءه فتية من قريش فتغير لونه . فقلنا : يا رسول الله إنا لا نزال نرى في وجهك الشيء تكرهه ؟ فقال : إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا ، وإن أهل بيتي سيلقون بعدي تطريدا وتشريدا ، حتى يجيء قوم من هاهنا -وأومأ بيده نحو المشرق- أصحاب رايات سود ، يسألون الحق ولا يعطونه مرتين أو ثلاثا ، [ ص: 132 ] فيقاتلون ، فيعطون ما سألوا فلا يقبلون ، حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي يملؤها عدلا ، كما ملئت ظلما وجورا ، فمن أدرك ذلك منكم ، فليأته ولو حبوا على الثلج قال أحمد بن حنبل : حديثه في الرايات ليس بشيء .

                                                                                      قلت : وقد رواه عنه أيضا محمد بن فضيل ، قال الحافظ أبو قدامة السرخسي : حدثنا أبو أسامة قال : حديث يزيد عن إبراهيم في الرايات لو حلف عندي خمسين يمينا قسامة ما صدقته . قلت : معذور والله أبو أسامة ، وأنا قائل كذلك ، فإن من قبله ومن بعده أئمة أثبات ، فالآفة منه عمدا أو خطأ .

                                                                                      محمد بن آدم المصيصي ، حدثنا عبد الرحيم بن سليمان الرازي ، عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد ، عن عبد الله بن عمرو مرفوعا قال : من شرب الخمر ، لم تقبل له صلاة سبعا ، فإن مات فيهن مات كافرا ، وإن هي أذهبت عقله عن شيء من القرآن ، لم تقبل له صلاة أربعين يوما وإن مات فيهن مات كافرا وهذا أيضا شبه موضوع ، ولو علم شعبة أن يزيد حدث بهذه البواطيل ، لما روى عنه كلمة .

                                                                                      روى جرير عن يزيد بن أبي زياد ، قال : قتل الحسين وأنا ابن أربع عشرة [ ص: 133 ] سنة ، أو خمس عشرة سنة . وقال مطين مات سنة سبع وثلاثين ومائة .

                                                                                      قلت : فعلى هذا عاش نحوا من إحدى وتسعين سنة .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية