[ ص: 72 ] الكلام في الأخبار اعلم أن أساس النبوات والشرائع يتعلق بأحكام الأخبار ، وأكثر الأخبار مستفاد منها ، وما هذا شأنه فحقيق الاهتمام به ; لما يؤمل لمعرفته من صلاح الدين والدنيا ، والكلام في الخبر في مواطن : الموطن الأول في أما لغة : فمشتق من الخبار ، وهي الأرض الرخوة ; لأن الخبر يثير الفائدة ، كما أن الأرض الخبار تثير الغبار إذا قرعها الحافر ، ويطلق في اصطلاح العلماء على أمور . أحدها : المحتمل التصديق والتكذيب ، وهو اصطلاح الأصوليين . وثانيها : على مقابل المبتدأ نحو : قائم ، من زيد قائم ، فإنه خبر نحوي ، ولا يقال : إنه محتمل للتصديق والتكذيب ; لأن المفرد من حيث هو مفرد لا يحتملهما ، والذي يحتمل التصديق والتكذيب إنما هو المركب قسيم الإنشاء لا خبر المبتدأ ، ويدل لذلك اتفاقهم على أن أصل خبر المبتدأ الإفراد ، [ ص: 73 ] واحتمال الصدق والكذب إنما هو من صفات الكلام ، ولهذا ضعف منع مدلوله وبعض ابن الأنباري الكوفيين كون الجملة الخبرية طلبية ، نظرا إلى أن الخبر ما احتمل الصدق والكذب ، والطلب ليس كذلك ، والصحيح الجواز ، وما علل به باطل بما ذكرناه . وثالثها : على ما هو أعم من الإنشاء والطلب ، وهذا كقول المحدثين : أخبار الرسول مع اشتمالها على الأوامر والنواهي ، وقال : فإن قيل : القاضي أبو بكر ؟ فالجواب من وجهين : أحدهما : أن حاصل جميعها آيل إلى الخبر ، فالمأمور به في حكم المخبر عن وجوبه ، وكذا القول في النواهي . قال : والسر فيه أنه عليه السلام ليس آمرا على سبيل الاستقلال ، وإنما الآمر حقا هو الله تعالى ، وصيغ الأمر من المصطفى في حكم الإخبار عن الله . كيف يصح تسمية الحديث بالخبر ، ومعظم السنة الأوامر والنواهي
والثاني : إنما سميت أخبارا لنقل المتوسطين ، وهم يخبرون عمن يروي لهم ، ومن عاصر الرسول كان إذا بلغه لا يقول : أخبرنا رسول الله ، بل يقول : أمرنا ، فالمنقول إذا استجداد اسم الخبر في المرتبة الثانية إلى حيث انتهى .
وأما في اصطلاح الأصوليين : فيطلق الخبر على الصيغة ، كقولنا : قام زيد ، ويطلق على المعنى القائم بذات المتكلم الذي هو مدلول اللفظ ، ثم [ ص: 74 ] قال تعريف الخبر في اصطلاح الأصوليين : هو حقيقة فيهما ، وقيل : حقيقة في النفساني ، مجاز في اللساني ، وقيل عكسه ، كالخلاف في الكلام ; لأن الخبر قسم من أقسامه ، ونقل عن ابن الحاجب الأشعرية أنه لا صيغة للخبر ، وعن المعتزلة أنه إنما يصير خبرا إذا انضم إلى اللفظ قصد المتكلم إلى الإخبار به ، كما قالوا في الأمر . والصحيح أن له صيغة تدل عليه في اللغة ، وهي قوله : زيد قائم وما أشبهه .