الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سخط الأب هل يوجب سخط الرب في كل حال

السؤال

فضيلة الشيخ أنا شاب من المغرب أبلغ من العمر ٢٧ سنة مستواي الدراسي الماجستير في العلوم الاقتصادية، مشكلتي مع أبي، لديه زوجتان و١٤ابنا، أمي نسكن كلنا في بيت من السكن العشوائي علاقتنا نحن الإخوة بخير، أبي صلاته في وقتها، لكن أخي في الخارج يرسل إليه النقود لا تتصور كيف معاملته معه، ونحن لا يعتبرنا نهائيا، لدرجة أنه قال لي هذه الأيام لو حصلت على الدكتوراه لن تحصل على المليونين التي يتقضاها أخوك في الشهر، زيادة على ذلك لن تحصل على درهم واحد منه لمصاريف الكتب إلا في بعض الأحيان، لكن بعد عناء كبير، أرى في أبي أنه يعبد الدراهم دون أن يدري، يفرز بين أبنائه والكل لاحظ هذا، أنا أصلي أعبد الله وأدرس لا شيء غير هذا، أبي حياته كلها يصلي لكن عندما يصل إلى البيت السب والشتم وما شابه ذلك، وإن كان لديك المال، فرضاه يصلك بالقناطير المقنطرة، أفعاله في البيت تزعجني وتجعلني دائما ضده، بمعنى أقول له هذه ليست أفعال من يذهبون إلى المسجد، لا تتصور كم أنا حزين فضيلة الشيخ لدرجة أتوقع إن حصلت على منصب إن شاء الله فلن أدور بساحته أبداً، أو أرسل إليه النقود التي يحبها لكن لا يرى وجهي، السؤال رضا هؤلاء الآباء وسخطهم له قبول عند الله؟ وما العمل فضيلة الشيخ؟ جزاك الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فعن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رضى الرب من رضى الوالد، وسخط الرب من سخط الوالد. رواه الترمذي والحاكم وصححه الألباني، وقال الحاكم: هذا صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، والحديث واضح الدلالة في أن من أرضى أباه رضي الله عنه، ومن أسخط أباه سخط الله عليه، والحديث عام في كل أب سواء كان مقيماً على طاعة الله أو غير ذلك، فرضى الآباء وسخطهم معتبر إلا أن يسخط الأب على ولده بغير موجب لذلك، كأن يسخط عليه مثلاً لكونه محافظاً على الصلاة في المسجد أو ملتزماً بدينه على وجه العموم.

واعلم أن نفقة الأب الفقير واجبة على أبنائه بالتساوي كل حسب قدرته ويساره، بل إنه إذا لم يكن فقيراً وطلب منك مالاً يحتاج إليه ولم تكن تتضرر بدفعه إليه فيجب عليك أن تدفعه إليه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أنت ومالك لأبيك. رواه ابن ماجه وغيره عن جابر بن عبد الله وصححه الألباني.

واعلم أن وصفك لأبيك بأنه يعبد الدراهم يتنافى مع الأدب المطلوب من الابن حيال أبيه، وقولك لأبيك: ليست أفعالك أفعال من يذهبون إلى المسجد هو من العقوق بمكان لا يخفى، وإذا أراد الابن أن ينكر على أبيه أمراً فليس له إلا التعريف والقول اللطيف، على أنه لا يجوز لأبيك أن يفرق بين أبنائه بل يجب عليه أن يعدل بينهم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: اعدلوا بين أبنائكم. رواه أحمد وأبو داود والنسائي وصححه الألباني والأرناؤوط. وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 30004، 75548، 7490.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني