الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من شك في إدراك الركوع مع الإمام

السؤال

شكراً على تجاوبكم السريع مع السؤال 2159187، لكن هناك شيء إلى حد الآن لم أفهمه وأرجو توضيحه لي، فهل تعتبر الركعة فائته بمجرد تحرك الإمام للرفع من الركوع أم أنه يجب أن يستوي قائما حتى نقول إن هذه الركعه فائتة، وما حكم من دخل مسجداً لا يرى فيه الإمام وركع قبل أن يقول الإمام سمع الله لمن حمده وإذا ما علمنا أن بعض الأئمة يقولها بعد الرفع من الركوع، فهل يجب على المأموم التدقيق في هذا الأمر؟

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

إذا اشترك المسبوق مع الإمام في القدر المجزئ من الركوع وهو الإنحناء بحيث يمكنه وضع يديه على ركبتيه ولو لم يضعهما فقد أدرك الركعة، وأولى إذا أدركه واطمأن معه وقتاً أطول، أما من اختلف مع الإمام بأن ذهب ليركع فرفع الإمام فلا يعتبر مدركاً للركعة، ثم إن على المأموم أن يتحقق من أنه أدرك الإمام راكعاً، فإن شك في ذلك ألغى تلك الركعة ولم يعتد بها.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا أدرك المسبوق الإمام راكعاً بعد أن كبر للإحرام قائماً واشترك مع الإمام في القدر المجزئ من الركوع واطمأن معه ولو قليلاً اعتد بتلك الركعة، والقدر المجزئ من الركوع كما ذكر الفقهاء هو الانحناء بحيث يمكنه وضع يديه على ركبتيه ولو لم يضعهما، أما إذا لم يدرك هذا القدر من ركوع الإمام بأن هوى المأموم ليركع فرفع الإمام فلا يعتد بالركعة ويتابعه في السجود.

ثم إن على المأموم أن يتحقق أو يظن ظناً قوياً أنه أدرك الإمام راكعاً، لأن ذلك يتوقف عليه الاعتداد بالركعة من عدمه، فإن كان لا يرى الإمام وغلب على ظنه أنه ما زال راكعاً أجزأه ذلك، فإن شك في إدراكه راكعاً لم يعتد بتلك الركعة.

قال ابن قدامة في المغني: من أدرك الإمام في الركوع فقد أدرك الركوع، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من أدرك الركوع فقد أدرك الركعة. رواه أبو داود. ولأنه لم يفته من الأركان إلا القيام، وهو يأتي به مع تكبيرة الإحرام، ثم يدرك مع الإمام بقية الركعة، وهذا إذا أدرك الإمام في طمأنينة الركوع، أو انتهى إلى قدر الإجزاء من الركوع قبل أن يزول الإمام عن قدر الإجزاء. فهذا يعتد له بالركعة، ويكون مدركاً لها، فأما إن كان المأموم يركع والإمام يرفع لم يجزه، وعليه أن يأتي بالتكبيرة منتصباً، فإن أتى بها بعد أن انتهى في الانحناء إلى قدر الركوع أو ببعضها، لم يجزه، لأنه أتى بها في غير محلها، إلا في النافلة. انتهى.

وقال في أسنى المطالب ممزوجاً بمتن روض الطالب في الفقه الشافعي: وإن هوى المسبوق للركوع فرفع الإمام ولاقاه في حد أقل الركوع، وهو بلوغ راحتيه ركبتيه (مطمئناً) أي المسبوق (أجزأه وإلا فلا، ولو شك في الاكتفاء) أي في إدراك الحد المعتبر قبل ارتفاع الإمام (لم يكن مدركاً) للركعة، لأن الأصل عدم إدراكه وإن كان الأصل أيضاً بقاء الإمام فيه ورجح الأول بأن الحكم بإدراك ما قبل الركوع به رخصة فلا يصار إليه إلا بيقين قاله الرافعي وغيره، ويؤخذ منه أنه لا يكتفى بغلبة الظن، قال الزركشي: وفيه نظر فإنا لا نشترط في صحة الاقتداء التيقن بل يكفي غلبة الظن كما في طهارة الإمام، وقد قال الفارقي: إذا كان المأموم بحيث لا يرى الإمام، فالمعتبر أن يغلب على ظنه أنه أدرك الإمام في القدر المجزئ. انتهى.

وفي مختصر خليل بن إسحاق في الفقه المالكي: وإن شك في الإدراك ألغاها. انتهى.

وللفائدة في ذلك يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 46951، والفتوى رقم: 2640.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني