الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

جزاكم الله خيراً على إجابتي في الفتوى رقم (105659)، ولكنني لم أفهم: وأما ما سوى ذلك مما أتلفته من هذا المال في غير مصارفه الشرعية فالظاهر -والله أعلم- أنه تقرر في ذمتك، والواجب أن تتخلص مما عندك منه، مع العزم على أنك ستخرجه متى قدرت على ذلك، سؤالي هو: ما هو المقصود في غير مصارفه الشرعية، وما معنى أنه تقرر في ذمتك وماذا تقصد يا شيخي الجليل والواجب أن تتخلص مما عندك منه وفي نفس جواب الفتوى تقول إنه يمكنني الاحتفاظ بما أحتاجه من هذا المال وما المقصود مع العزم على أنك ستخرجه متى استطعت، فهل تقصد أنه في حالة احتفاظي بجزء من هذا المال للحاجة أنه علي رده حال استطاعتي وماذا لو لم أستطع ذلك، وبخصوص النقطة (2) فيما يتعلق بزواجي والذهب الذي اشتريته لزوجتي هل أطلبه منها وأتخلص منه كباقي الأموال والنقطة (3) في الفتوى الأصلية لم تجيبوني عن هذه النقطتين، أسف جداً على الإطالة ولكنني أخ لكم في الاسلام ولست عربيا فلم أفهم المعنى كله في إجابة الفتوى الأصلية؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقولنا "في غير مصارفه الشرعية" معناه ما أنفقته في شيء لم يأذن الشرع في الإنفاق فيه، وقد بينا لك الأمور التي أنفقتها في مصارفها الشرعية، ومعنى ذلك أن غير ما بينا هو الذي أنفق في غير مصارفه الشرعية، ثم قولنا "تقرر في ذمتك" معناه أنه صار ديناً عليك، وقولنا "والواجب أن تتخلص مما عندك منه" لا يتعارض مع قولنا إنه يمكنك الاحتفاظ بما تحتاجه من هذا المال، لأن احتياجك للمال يجعلك مصرفاً من مصارفه، فلك أن تحتفظ بقدر حاجتك منه، وما زاد على حاجتك يجب التخلص منه.

وقولنا "مع العزم على أنك ستخرجه متى استطعت" ليس معناه أنه في حالة احتفاظك بجزء من هذا المال للحاجة أن عليك رده حال استطاعتك، وإنما معناه أن الذي كنت قد صرفته من هذا المال في غير مصرفه، وليس عندك الآن ما تخرجه في مقابله يجب عليك العزم على أنك سترده متى قدرت على ذلك، واعلم أنك لو عدت إلى ما كتبناه لك في الجواب عن سؤالك السابق، وقرأته بتمعن لعرفت أنا لم نترك منه نقطة لم نجب عليها، ذلك أنا ذكرنا فيها أن ما ذكرت أنك صرفت فيه الأموال، منه ما يعد مصرفاً لها، كالذي قلت إنك أعطيته للفقراء والمحتاجين من الأقارب وغير الأقارب، وكمساعدتك الكثيرين في الزواج إذا كانوا محتاجين، وكإنفاقك على عائلتك إذا لم يكن لك مصدر آخر تنفق منه.

وذكرنا أيضاً أن ما أقرضته من هذا المال لمن وصفتهم بأنهم فقراء لا يملكون المال الذي أقرضتهم إياه، يمكن أن تتركه لهم على سبيل التخلص منه، وقلنا إن جميع ما سوى ذلك مما أتلفته من هذا المال فإنه تقرر في ذمتك، وأن الواجب أن تتخلص مما عندك منه، مع العزم على أنك ستخرجه -أي الباقي عليك منه- متى قدرت على ذلك... وقلنا إن لك أن تنفق منه على عيالك وعلى نفسك بحسب حاجتك.. فهذا القدر يفيد أن ما تزوجت به من هذا المال لا يلزمك التخلص منه لأن تزوجك يعتبر من جملة الإنفاق على نفسك وأهلك وقد ذكرنا أن ذلك يباح لك.

وأما شراء الذهب لزوجتك فإنه لا يعتبر من الضروريات أو الحاجيات التي يباح لك صرف المال فيها، وبالتالي لم نتعرض له، وأبقيناه في جملة ما صرفته في غير مصرفه الشرعي، فعليك التخلص منه، وكذا الحال في النقطة (3) التي قلت إننا لم نجب عنها، فأنت ذكرت فيها أنك قمت بشراء وبيع سيارات متعددة خلال هذه المدة، وحالياً لديك سيارة واحدة فقط أنت بحاجة ماسة إليها، فهذا لا يخرج عما أجبنا عنه، لأن السيارة أو السيارات إما أن تكون الحاجة ماسة إليها، ولا يستطاع الاستغناء عنها، فهي بذلك تكون من جملة الإنفاق الذي بينا إباحته، وإما أن لا تكون كذلك فيكون صرف المال فيها إتلافاً له بغير حق، وبالتالي يلزم التخلص مما جعل فيها من المال، ونرجو أن يكون هذا القدر قد أزال ما استشكلته من جوابنا السابق.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني