الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخوه يسرق ودعي للشهادة عليه فماذا يفعل

السؤال

فسؤالي هو أنني أعمل في مركز صيانة سيارات أمريكية التابع لأخي الذي يكبرني سنتين فقط وشريكه . أخي هذا قام قبل فترة وجيزة بسحب كل صلاحياتي من المركز حيث كنت أعمل محاسبا فالنقود كانت موجودة معي و أنا الذي كنت أقوم بشراء القطع للمركز و أحاسب الزبائن وأكتب الفواتير، فقام أخي بسحب جميع النقود التي معي و قال لي أنت سراق وقام بخصم من راتبي 40 دينارا بشكل دائم ،فقمت وجلست معه وقلت له لماذا تفعل هذا يا أخي قال لي أنت سراق و حرامي مع العلم أن شريكه قال له يا فلان لا يجوز لك في أي يوم من الأيام أن تمسك نقودا بيدك لأنه يوجد محاسب والذي هو أخوك الأصغر فهو متعلم و فاهم كثيرا وأنت يا فلان تجهل أمور المحاسبة والإدارة فاتركها لأخيك، مرت سنة وبعد ذلك قام أخي بسرقة المركز وأصبح يسرق شمالا و يمينا بمعنى حرق الأخضر و اليابس، فقلت لة يا أخي انت قد قمت بخصم 40 دينارا من راتبي فأصبح راتبي 200 دينارا،فأنا يا أخي متزوج و لدي طفلتان و بيتي إيجار و ليس ملكا -والملك لله وحده- فقال لي (انشاء الله تشحد و بمعنى تتسول في الشوارع ما دخلي أنا في) فقلت له يا أخي إن النقود قد قامت بعمي عيونك و أصبحت مغرورا بعد ما أصبح معك نقود كثيرة، فأعطني قليلا يا أخي: فقال لي: ( شو رأيك تجلس في البيت و أصرف عليك) يستهزئ علي، بعد فترة عرف شريكه بأنه توجد نقود كثيرة تسرق وأن شيكات تصرف من البنك بأسماء وهمية لصالحه‘ فقال له شريكه إن أخاك الذي هو أنا قد قال لي إنك تسرق، فهل هذا صحيح، مع العلم أني لم أقل له أي شيء، فلهذا السبب قد قام أخي بالتصرف معي هكذا، يا إلهي أخي لماذا مغرور، والله العظيم يقوم بإعطاء الناس نقودا وهم ليسوا بحاجة إليها، والعلم عند الله، و يتجاهل إخوانه يمشي و رأسه إلى الأعلى و يتكلم من أنفه من شدة الغرور ويسرق كثيرا ويصرف من النقود بمعدل 100 دينار أردني يوميا على اللبس هو وزوجته وأنا ليس لابنتي شييء لتلبسه في رجلها حاشاكم الله، والله العظيم أجلس و أبكي على نفسي لماذا يفعل بي أخي هكذا أليس أنا أخاه من أبيه و أمه، نفسي تقول لي خذ هذه 5 دنانير و اشتر لابنتك بها حليبا أو حفاظات أو أكل وشيء تلبسه، يأتي عمي الذي هو مثله يقوم بإعطائه بعضا من النقود فأقوم أنا بالنظر إلى هذه النقود و أقول أليس لي حق فيها، أنا بحاجة ماسة لها ... بعد ذلك قال لي شريكه يا فلان سوف آتي بعد بضعة أيام وأقوم بوضع يدك على القرآن و تقول كل ما لديك إذا كنت تعرف شيئا عن السرقات التي تدور في المركز، زبدة الموضوع هو أنني اذا قمت بحلف اليمين على المصحف سوف أدمر أخي و يصبح في الشارع بدون ملجأ أو عمل مع أنه يفهم في عمله بشكل خبير خبير (معلم ) فسوف يصبح في الشارع لأن الذين يكرهونه أكثر من الذين يحبونه من شدة غروره بعد ما اصبح له مركز و بحوزته نقود كثيرة ليست من حقة بالفعل، ماذا أفعل دلوني على الصواب... أرجوكم.

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

ما ذكرته عن أخيك يتنافى مع تعليمات الشرع الحنيف، وإذا كنت على يقين من سرقته فمن واجبك أن تبلغ عنه إذا لم يستجب لرد ما سرقه.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فليس من شك في أن ما ذكرته عن أخيك من سوء معاملتك ومن التعالي على الناس والغرور... يتنافى مع ما أمر به الشرع الحنيف من صلة الرحم والحض عليها ومن الرفق بالضعفاء والتواضع وخفض الجناح للمؤمنين. قال تعالى: وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ [الحجر:88]،

وقال صلى الله عليه وسلم: ما تواضع أحد لله إلا رفعه. رواه مسلم.

وقال أيضا: إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد. رواه مسلم.

وما ذكرته عنه من السرقة يعتبر جرما كبيرا وإثما عظيما، وواجبك هو نصحه بترك ما هو عليه من سوء السلوك، والدعاء له بالهداية.

وفيما يخص سرقته لأموال الشركة فإن أمكن تخليصها منه دون فضحه فذاك أولى وأجمل، وإلا كان من واجبك أن تبلغ أرباب الشركة بما علمته من سرقته إن كنت تعلم ذلك حقا، لا إن كان مجرد شائعات. وإن لم تخبر عنه في حال علمك أثمت بتفريطك في تخليص ذلك المال، وكان عليك ضمانه عند من يرون أن الترك فعل، قال الخرشي: ... والمعنى أن من قدر على خلاص شيء مستهلك من نفس أو مال لغيره بيده، كمن محارب أو سارق أو نحوهما أو شهادته... وكتم الشهادة أو إعلام ربه بما يعلم من ذلك حتى تعذر الوصول إلى المال بكل وجه ضمن دية الحر وقيمة العبد... اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني