الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

علاج كل أنواع الوساوس

السؤال

لقد كنت أعاني من وساوس في العقيدة وذهبت إلى الطبيب النفسي وأعطاني الدواء غير أنه لم ينفعني ثم بفضل الله هداني إلى الطريق المستقيم وصدقوني تحسنت حالتي كثيرا بل شفيت تماما من وساوس العقيدة وبقيت وساوس أخرى مثل هل أني عقيم ولكن بعد مدة 9 أشهر انتكست أصبحت أشاهد الأفلام والموسيقى وأستمني ولكن شاء الله أن أعود إلى الطريق المستقيم ولكن بمجرد عودتي إلى الله عادت إلي الوساوس وهي في يومها الثاني، وأنا خائف أن أعاني من ذلك القلق النفسي الرهيب الذي كنت أتمنى الموت من شدته علي، وكيف أعالج هذه الوساوس في الدنيا والآخرة، وهل أنا مأجور على هذا الألم النفسي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله الكريم أن يفرج عنكم هذه الوساوس، وكنا نتمنى لو كان السائل قد ذكر لنا طبيعة هذه الوساوس وبأي شيء في العقيدة يوسوس له، لأن هذه الوساوس شبهات يلقيها الشيطان في قلب الإنسان، وعلاج هذه الشبهة تكون بالعلم النافع من القرآن العظيم ، والسنة النبوية الصحيحة، وكلام العلماء الربانيين، وعلى العموم فسوف نجيب بإجابة عامة تصلح علاجا لكل أنواع الوساوس، فنقول وبالله التوفيق:

أصل داء الوساوس سببه الشيطان، فقد أخبرنا الله عز وجل عن عداوته لنا فقال: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ {فاطر:6}

وهو حريص على كل ما يقلق الإنسان ويحول بينه وبين السعادة في الدنيا والآخرة؛ كما قال الله عز وجل: إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ {المجادلة:10}.

فالشيطان حريص على فساد ابن آدم وإفساد دينه ودنياه .

فهذه الوساوس التي تقع للبعض أحيانا في العقيدة أو فيما يتعلق بالإسلام عموما أو في مسألة من مسائل الدين كالصلاة والوضوء والطهارة وما أشبه ذلك هذه كلها من قعود الشيطان له على طريق الصراط المستقيم ليرده عن الخير ويشغله عما ينفعه في دينه ودنياه، فيأتي لبعض الناس مشككا وموسوسا بأمور تتعاظم في نفس المؤمن فيغتم لذلك، أما الفاجر والكافر فلا يراها شيئا.

والصحابة رضي الله عنهم -وهم خير الناس بعد الأنبياء والمرسلين- وجدوا شيئا من هذه الوساوس فبين لهم النبي صلى الله عليه وسلم سببها وأنها لن تضرهم بل هي دليل على وجود الإيمان عندهم ، فعن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَحَدَنَا يَجِدُ فِي نَفْسِهِ يُعَرِّضُ بِالشَّيْءِ لَأَنْ يَكُونَ حُمَمَةً – يعني فحمة- أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ، فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَدَّ كَيْدَهُ إِلَى الْوَسْوَسَةِ. رواه أبوداود وصححه الألباني.

وفي رواية في مسند الإمام أحمد: أَنَّهُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نُحَدِّثُ أَنْفُسَنَا بِالشَّيْءِ لَأَنْ يَكُونَ أَحَدُنَا حُمَمَةً أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَقْدِرْ مِنْكُمْ إِلَّا عَلَى الْوَسْوَسَةِ.

وروى البخاري ومسلم -وَاللَّفْظُ له- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَزَالُ النَّاسُ يَتَسَاءَلُونَ حَتَّى يُقَالَ هَذَا خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ فَمَنْ خَلَقَ اللَّهَ فَمَنْ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَلْيَقُلْ آمَنْتُ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ " .

وفي صحيح مسلم من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلُوهُ: إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ قَالَ: وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ، قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: ذَاكَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ.

قال الْخَطَّابِيُّ: الْمُرَاد بِصَرِيحِ الْإِيمَان هُوَ الَّذِي يَعْظُم فِي نُفُوسهمْ إِنْ تَكَلَّمُوا بِهِ, وَيَمْنَعهُمْ مِنْ قَبُول مَا يُلْقِي الشَّيْطَان, فَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَتَعَاظَم فِي أَنْفُسهمْ حَتَّى أَنْكَرُوهُ, وَلَيْسَ الْمُرَاد أَنَّ الْوَسْوَسَة نَفْسهَا صَرِيح الْإِيمَان بَلْ هِيَ مِنْ قِبَل الشَّيْطَان وَكَيْده. اهـ

ولمزيد الفائدة تراجع الفتاوى التالية: 2860، 5734، 10973، 12400، 12436 .

وراجع في موضوع العادة السرية فتوانا رقم: 7170 . وفي موضوع الأفلام فتوانا رقم: 66. وفي موضوع الموسيقى الفتوى رقم: 1455، وفي موضوع الثبات على الدين فتوانا رقم: 15219.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني